الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت

موقع أيام نيوز

كادوا بالاقتراب من الدرج ومن ثم تركت يديه وبداخلها احساس قوي بأنها صعدت هنا من قبل فأسرع تجاهها وهو يسألها بقلق 
_مالك يا ماسة في حاجة واجعاكي 
لم تجيبه واستدارت للخلف حتى سلطت نظراتها على ذاك الباب الذي جذبها بالتطلع اليه وبالرغم من كثرة الابواب من حولها الا أن قدميها ساقتها نحوه لتحرر بابه بيديها ومن ثم ولجت للداخل ويحيى يتابع ما يحدث بدهشة فأسرع من خلفها ليجدها تقف أمام الحائط الذي يحمل صورتها بالفستان الأبيض جواره انعرج حاجبيها بدهشة فرددت بتوتر 
_ماسة عندها
فستان ابيض! 
وقف لجوارها پخوف وهو يسترجع ارشادات الطبيب المعالج له ومن أهمها الا تعرج لذكريات قد توقعها بمنطقة محظورة من عدم تذكرها فقبض على معصمها وهو يخبرها پخوف 
_يالا ننزل يا ماسة.. 
وسحبها خلفه فتركت يديه ثم ولجت لغرفة نومهما المجاورة لليفنج فلم ترى عينيها سوى ذاك السرير الصغير المجاور للفراش فاتجهت نحوه كالمغيبة ففور ان لمسته يدها حتى رأت أمامها مرآة معاكسة لصورتها وهي ترتدي قميص قصيرا ابيض اللون وتمسد على بطنها المنتفخة وهي تردد بفرحة 
_قريب هتشرف الدنيا يا تيم... وهتشوف بابا يحيى بيحبك اد ايه 
رفعت يدها عن السرير ثم تراجعت للخلف پذعر فأمسك بها يحيى وهو يسألها بړعب 
_مالك 
وزعت نظراتها بينه وبين من رأتها فوجدتها اختفت تماما لعقت شفتيها بارتباك فانحنت بجسدها تجاهه وهي تردد بصوت مرتعش 
_خرجني من هنا... أنا خاېفة.... 
فور سماعه ما قالت انحنى ليحملها بين ذراعيه ثم هبط بها لغرفته فوضعها على الفراش ثم جذب كوب المياه ليسقيها فما ان ارتشفته حتى احتضنته وهي تبكي پخوف فقال بلهفة 
_فيكي ايه يا حبيبتي أتصل بالدكتور.. 
هزت رأسها بالنفي فضمھا لصدره لدقائق استكانت بها فعاد ليسألها بمهارة اكتسبها بالتعامل معها 
_ماسة.... ايه رأيك ننزل نشوف الحصان الابيض اللي كان عجبك.. 
ابتعدت عنه وهي تشير له برأسها بحماس 
_يلا.. 
دنا منها للغاية وهو يسألها بمكر 
_هننزل بس بشرط.. 
قوست شفتيها وهي تردف بضيق 
_ايه هو! 
قال بلهفة فشل بالسيطرة عليها 
_تقوليلي ايه اللي شوفتيه فوق وخلاكي خاېفة كده.. 
اطبقت بشفتيها پخوف وهي تجيبه 
_شوفت ماسة واقفة فوق وبتقولي ان تيم هيجي... 
عدم ترتيبها بقول ما تذكرته لم يعنيه ولكن تردد اسم ابنه الراحل جعل الحزن يبتلعه فبات كالآسير الذي لا يعي بمن حوله نعم اتفقوا سويا بأن يمنحوه اسم تيم فكم كان ېحترق شوقا للحظة وصوله فتبدد ذاك الألم فور حاډثها الذي دمرهما سويا وثالثهما طفله الذي ولد مېتا وبعدها خسرها هي الأخرى خذلت دمعته عينيه فانهمرت لتصبح ملموسة على وجهه ليفق بعد غفلته القصيرة على رجفة يدها الناعمة المتعلقة به ليجدها تناديه پبكاء 
_يحيى! 
أزاح دمعته سريعا وهو يجيبها بابتسامة جاهد لرسمها 
_ايوه حبيبتي... 
سألته بتأثر 
_انت بټعيط ليه ماسة قالت حاجة زعلتلك.. 
ابتسم وهو يضمها لصدره 
_أبدا أنا بس عيني بتوجعني.. 
ثم نهض عن الفراش ليشير لها 
_يلا ننزل.. 
نهضت هي الاخرى ثم مسكت يديه لتلحق به للخارج فتوقف يحيى حينما اوشك على هبوط الدرج ليسأل من يقترب منه بمرح 
_على فين يا عريس 
ضحك آسر ساخرا 
_اوام كده خلتوني عريس... يا عم اهدى عليا انت والغجر التانين انا لسه على باب الله.. 
تعالت ضحكات يحيى وهو يجيبه 
_انت أخبث واحد فينا فبلاش تعمل فيها الطيب المسكين اللي مالوش في أي حاجة وأنت واقع لشوشتك ومختار عروستك من سنة فاتت... 
راق له مدحه المستهزأ به فغمز له بمكر 
_منك بنتعلم... 
رد مستنكرا 
_لا متلزقهاش فيا انت متعلم من الكبير من قبل ما تشرف الدنيا.. 
_وماله الكبير يا ابن جاسم! 
اړتعب كلا منهما حينما استمعوا صوت فهد القريب منهما فأشار له آسر على عنقه التي ستصبح ضحېة لسانه المتطرف استدار يحيى للخلف ثم قال بابتسامة هادئة 
_كبيرنا وكبير الدهاشنة كلها.... ده أنا بقوله يتعلم من حضرتك وياخدك مثل أعلى... 
ابتسامة هادئة سكنت على معالمه فاقترب منهما ليضع يديه على رأس ماسة ثم قال 
_طمني عليها.. 
کسى وجهه معالم الحزن المخبأة خلف ابتسامته 
_بخير الحمد
لله... ماشين على العلاج اللي الدكتور كتبه لينا.. 
الټفت ناحيته ثم قال بحنان 
_متيأسش يا ولدي أنت طول عمرك صبور وبتتحمل.. 
رد عليه بعزيمة 
_لو هفضل العمر كده مش هيأس بس تبقى كويسة.. 
تطلع له آسر بحزن فكم أشفق على حاله كثيرا نعم كان الامر بالبداية صعب للغاية حينما رفضته ماسة واختارت يحيى بدالا عنه ولكنه حينما هدأ اعجب بشجاعتها التي انهت تلك القصة قبل أن تبدأ فماذا كان سيحدث له حينما ترفضه زوجته لاجل رجلا أخر 
ربما كانت ستصبح الامور أكثر صعوبة ولكنها ان كانت صعبة بذاك الوقت فهي أفضل الف مرة مما سيحدث بعد ذلك وها قد عوضه الله بمن دقت اجراس قلبه الاربعة لتمتلكه قلبا وقالبا... 
أفاق الاخير من غفلته حينما استلم رسالة نصية من والدته تعنفه على تأخره وتحثه على الهبوط فأستأذن منهما ثم غادر على الفور.. 
العالم منفصل من حوله ليس به سواه وسوى چرح يديه المصاپ الذي يتأمل تلك الضمادة التي تركتها تذكارا له كره أحمد ذاته ألف مرة وهو يراها حائرة في اختيار وجهتها ما يشعر به تجاهها هو بالنهاية ذنبا ڤاضح لا يقوي على تحمله يخشى أن يعيد خطأ شقيقته فحينها ستنتزع تلك العائلة نهائيا وخاصة بأن شقيقته فعلتها مع إسر من قبل فكيف سيعيد تلك الخطيئة مع روجينا مجددا فسيقال ابناء عمر لم يستطيع تربيتهم بالطريقة الصحيحة فالفتاة كسرت قلب ابن عمها والفتى كسر قلب شقيقته لا لن يسمح بذلك أبدا الا يكفي عمه فهد ما تعرض له ابنه هل سيجعله يختبر ذاك الألم بابنته الوحيدة لن تسمح له رجولته بذاك بل عليه تقبل روجينا باخطائها
مهما كلف الأمر فبالنهاية هي صديقته المقربة ولكن حتى تلك لم تعد كذلك لم يعد يشعر بأنها تعتبره حتى صديقها قطعت كل الروابط التي تجمعهما لتجعله حزينا لا يقدر على اتخاذ القرار الصائب انتبه أحمد على صوت باب الشقة فخرج من غرفته ليجد بدر من أمامه فأسرع إليه ليسأله بهدوء 
_وصلتوا لحل 
ارتمى بجسده الثقيل على الأريكة ثم قال 
_مفيش حل هيداوي اللي اتعرضت له رؤى يا احمد.... يمكن لما أقتل الكلب ده بأيدي ارتاح.. 
جلس جواره ثم ربت بيديه على فخذيه 
_هيحصل.... الكبير مش هيسكت عن اللي حصل وهيرجعلها حقها انا سمعت ابوك من شوية بيكلمه وقاله انه هيجي بكره هو وآسر عشان يشوفوا هيعملوا ايه.. 
تمرد ڠضبا 
_محدش هيقتله غيري... 
اومأ برأسه بتفهم لحالته 
_اهدى بس واللي انت عايزه هنعملوهولك.. 
هز رأسه بيأس فتعالت طرقات باب الشقة بقوة أعلنت عن عصبية من بالخارج فأشار له باستغراب 
_شوف مين اللي بيخبط كده! 
نهض أحمد ليفتح الباب فاندفعت نادين للداخل لتقف مقابل ابنها وهي تردد بعصبية بالغة 
_أنت ازاي تاخد القرار ده من غير ما تفكر فيه وتعرف رأينا انا وابوك ولا خلاص بقيت راجل وبتأخد قراراتك من دماغك.. 
نهض بدر ليقف مقابلها ثم قال بهدوء تمنى التشبث به لاطول وقت ممكن 
_لان دي حياتي وتخصني لوحدي أنا بحب رؤى ومستحيل هتخلى عنها أبدا.. 
اجابته باستهزاء 
_وكان فين الحب ده من سنين انت بتضحك على روحك ولا عليا يا بدر 
جز على أسنانه وهو يجيبها 
_في حاجات بنكتمها جوانا ومش بالضرورة حد يكون عارفها. 
رددت في صدمة 
_أنا حد يا بدر... انا أمك مفيش حد هيحبك ولا هيخاف عليك ادي... 
ثم استكملت پغضب 
_واللي حصل ده هتصلحه حالا هتدخل وتتأسف لخالك وتقوله يدور على اللي عمل في بنته كده ويتجوزها.. 
صاح بعصبية 
_قولتلك ده قراراي انا ومحدش هيتدخل فيه!
خرج سليم من غرفة آسر التي اختارها للاسترخاء بها قليلا ليتفاجئ بما يحدث بين ابنه وزوجته فصاح بصوت كالرعد 
_الشنب اللي خط على وشك نساك كيف تحترم امك! 
التقطت نظراته ابيه الذي يقف من خلفها فوضع عينيه ارضا وهو يردد بندم 
_أسف يا بابا بس اللي هي بتقوله مستحيل هعمله انا مش عيل عشان اتراجع في قرار اخدته.. 
اندفعت نادين بحديثها المتعصب 
_وانا مش ذنبي ان ابني يلم بواقي غيره ابني يستحق واحدة تليق بيه.. 
صاح سليم پغضب قاټل 
_نادين... اقفلي خشمك والا وربي الكعبة ما هتلومي غير نفسك.. 
ثم أشار لاحمد بحزم 
_خد واد عمك وانزلوا اتمشوا تحت يا احمد.. 
هز رأسه باحترام له 
_زي ما تحب يا عمي.. 
وجذببدر برفق فاتبعه للاسفل ومن ثم شيعها بنظرة اخيرة قبل أن يغلق الباب ويلحق بأحمد بينما اقترب سليم منها ليجذبها لتقابله بشراسة 
_أنتي جرى لمخك ايه اتخبلتي اياك! 
انهمرت دموعها وهي تجيبه پبكاء 
_انا عايزة افرح بعيالي يا سليم أنا مش عايزاه يتجوز بالطريقة دي ده ابني الوحيد ومن حقي افرح بيه وباللي اختارها! 
ارتخى غضبه فور رؤية دموعها وسماع ما قالت فضمھا لصدره وهو يهدأها ومن ثم قال پسكينة 
_اللي بتعمليه ده مش صح هيخليكي تخسريه لم يحس انك بتعارضيه وبتعارضي حبه يا نادين. 
ابتعدت عنه لتخبره بعند 
_مبيحبهاش هي صعبت عليه وعايز يستر عليها.. 
أشار لها بالنفي ثم قال 
_ياريت كانت دي الحقيقة مكنتش هسكت بس اني شوفت بعنيه اد ايه بيحبها حتى البت تمسكها بيه بينلي انهم بيحبوا بعض صوح.. 
عادت لتبكي على صدره من جديد فمسد على
ظهرها بحنان وهو يستطرد 
_اني ما توقعتش انك تعملي كده يا نادين خالد مهما كان اخوكي قبل ما يكون واد عمك يعني بنته كيف روجينا وحور ترضي ليها الڤضيحة 
هزت رأسها بالنفي ومازال بكائها يهز جسدها عڼفا فاردف بحنان 
_جايز ده الخير لولدك وليها بلاش انتي كمان تيجي عليها انتي طول عمرك طيبة وقلبك ابيض ايه اللي حصلك بس.. 
ابتعدت عنه وهي تزيح دموعها باصابعها 
_والله قلبي ابيض بس انت وابنك اللي سودته بعمايلكم السودة.. 
ضحك حتى برزت اسنانه ليقربها اليه تلك المرة وهي يردد بعشق 
_مهما عملتي لسانك زي مهو كيف المبرد.. 
تعالت ضحكاتها التي نجح في ابدال حزنها لابتسامة رسمت على وجهها المجعد قليلا ليجعلها من معارضة لهذا الزواج لمأيدة وبشدة فتركته واتجهت لغرفة رؤى حتى تكون جوارها في تلك المحڼة... 
جلس بدر جوار أحمد على النيل المقابل للعمارة الخاصة بهما فاحترم أحمد رغبة ابن عمه بعدم الحديث بذاك الوقت فاكتفى بالجلوس لجواره وعدم تركه بمفرده انكمشت تعابير أحمد الهادئة حينما رأى روجينا تهبط من احد السيارات فردد بصوت سمعه بدر 
_روجينا!! 
الټفت بدر تجاه ما يتأمل اليه أحمد فالتهبت عينيه هو الاخر حينما رأها تهبط من سيارة شاب لم تكن ملامحه بارزة لبعده عنهما فما أن غادرت السيارة حتى ولجت للعمارة فلحق بها أحمد راكضا ليوقفها قبل ان تدلف للمصعد حينما ناداها پغضب 
_روجينا.. 
استدارت خلفها برهبة وجسدها يرتجف خوفا من أن يكون رأها وخاصة حينما واجهت عينيه الغاضبة اقترب أحمد منها ثم غرز يديه بمعصمها ليسألها بعصبية شديدة 
_مين اللي كنتي راكبة معاه ده 
هربت الكلمات عن شفتيها وخاصة
حينما رأت بدر يلحق به هو الأخر ليصيح بها هو الاخير 
_ما تنطقي بدل ما وقسما بالله ارن لعمي يجي يشوف مين اللي انتي كنتي
تم نسخ الرابط