الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت
المحتويات
بتلك اللحظة وكأنه يسجل لحظات خالدة بين لقائهم كانت بالنسبة إليه كالفتنة التي يهاب أحدا الوقوع بها ود لو أصبحت القاعة فارغة من حوله ولم يبقى سواهما فإقترب آسر ليقف أمامها بجلبابه الأبيض وعمته البيضاء التي زادت من رجولته ووسامته كانت تسنيم تختطف النظرات الخاطفة إليه من خلف طرحة فستانها الشفافة فسلمه أبيه يدها فما أن شعر بدفئها بين يديه حتى وضع أصابعه الخشنة عليها بتملك فإقترب ليضع قبلة خاطفة على جبينها وهو يهمس بصوت لفح بشرتها البيضاء
منحته إبتسامة مرتبكة ثم لحقت به للأسفل أما بدر ففور رؤياه لرؤى حتى أسرع إليها ليشير لعمه بمرح
_مراتي ومن حقي أشيلها ولا أيه يا كبير!
منحه فهد نظرة شملت معاني التحذير ثم اتبعها قوله الصارم
_في جناحك إعمل ما بدالك يا ابن سليم.
_طب أسلم ولا دي فيها مشكلة.
ضحك حتى أطلت جزء من رجولته فأشار إليه
_سلم وخلصني.
فور سماعه إذنه الصريح حتى إحتضنها بقوة جعلت فهد يجذبه عنها بحافة عصاه التي شبكت بجلبابه ليجد نفسه يقابل نظراته الشرسة ليتبعها قوله المحذر
_خد عروستك نزلها تحت مع الحريم ودقايق وتحصلني برة سامع
حرص كلا منهما على معاونة العروس للصعود على المنصة التي صنعت بباحة الثرايا الداخلية الخاصة بالنساء ثم انسحبوا للخارج على الفور تطبيقا لأصولهم فإلتفت الفتيات حول العروس ليجذبهن ليتشاركن الرقصات النسائية فيما بينهما فتمسكتتالين يد أختها وروجينا يد تسنيم كانت ترقص بها بدلال وفرحة زائفة تخفي من وراءها حزنها لحرمانها من إرتداء فستان أبيض كحلم بسيط لأي فتاة والأصعب ما ستخوضه من هلاك قادم وخاصة بتأكيد حملها.
_أحمد أنت لسه هنا! دول كلهم تحت من بدري.
سحر بفستانها الاخضر المطعم باللون الملكي الذي أضاف له لمعان خاص أخفض أحمد عينيه أرضا ثم رد عليها بإرتباك
تساءلت بدهشة
_مرات عمي مشغولة في المطبخ يا أحمد في حاجة ولا أيه
أجابها بضيق شديد
_بحاول من ساعتها أتأقلم بالجلبية دي بس حقيقي مش قادر فقررت ألبس بدالة بس للاسف القميص مش مكوي ومبهدل خالص.
تطلعت لما يحمله بين يدها ثم جذبته منه وهي تشير له بإبتسامة رقيقة
طول متقلقش.
أوقفها حينما قال
_بس أنا مش عايز أعطلك.. عادي ممكن ألبسه مكسر.
قالت وهي تدنو من غرفتها
_تعطلني أيه بس يا أحمد دي كلها دقيقة.
وتركته وولجت للداخل فمنحها إبتسامة هادئة قبل أن يعود لغرفته ليستعد للهبوط..
إنتهت حور من كي القميص فقربته إليها وهي تشم رائحته بفرحة تستحوذ عليها حينما تصنع له شيئا حتى ولو بسيط ضمت القميص لحضنها فإنقلبت معالمها فجأة حينما شعرت بخطئها لمجرد تفكيرها به بتلك الطريقة حتى وإن كانت تعلم بأن زواجه من روجينا أمرا شبه محال ولكنها تحاول إحترام دينها الذي يمنعها من غض بصرها عما هو محرم فجذبت القميص ثم خرجت تبحث عنه بدهشة فكانت تظن بأنه سيقف ينتظر عودتها قضمت اظافرها وهي تردد بتوتر
_وبعدين بقى هعمل أيه دلوقتي!
لم يكن أمامها خيار أخر فكان عليها طرق باب
غرفته وبالفعل أسرعت تجاه غرفته فما أن طرقت بابها حتى فتح من امامها لأنه لم يكن مغلق من الأساس إرتجف جسدها خجلا حينما وجدته يقف أمام المرآة يصفف شعره بعناية ويرتدي بنطال البذلة السوداء فقط أخفضت حور عينيها أرضا ورددت على استحياء
_أنا آسفة... آآ.. أنا خبطت الباب بس هو كان مفتوح.
وعلقت القميص على مقبض الباب ثم تراجعت للخلف وهي تردد بحرج
_القميص أهو.. هنزل أشوف البنات.
قال وهو يجذب الجاكت
_شكرا يا حور معلشي دايما تعبك معايا كده.
قالت ورأسها مازال أرضا
_تعبك راحة يا أحمد. عن إذنك.
وتركته وأسرعت بالهبوط للاسفل فجذب القميص وهو يتفحصه بإعجاب فارتداه وهو يهمس
_ست بيت بصحيح.. يا بخته بيك صاحب النصيب بجد.
وإرتدى بذلته سريعا ثم هبط للاسفل لينضم الى الرجال.
بالخارج..
العصا كانت مبارزة قتالية راقصة للرجال بالخارج وخاصة يحيى وبدر تألق كلا منهم بالرقص بالعصا فكاد بدر بالتغلب على يحيى الذي سارع بصد هجماته ليلقي عصاه أرضا وسط صيحات رجولية تجتاز من حوله فرفع بدر العصا بقدميه ثم أطاح بعصا يحيى فحاذ على إعجاب الرجال فأيد كلا منهم الأخر حتى عمر وسليم أضافت مشاركتهم هيبة ووقار للتجمع الغفير فكانت الصفقات والكلمات المخفزة بينهما لا توقف حتى إنتصر سليم على عمر الذي غمز له ثم همس بمكر
_النهاردة بس عشان أنت النهاردة ابو العريس.
ضحك الاخير ثم غمز له بخبث
_مردودلك الاسبوع الجاي يا ابو العريس.
قال بإعجاب
_تعجبني وانت فاهمني.
وعاد كلا منهما للجلوس مجددا فأشار خالد لأحمد قائلا
_ما تقوم يا ابني تشارك معاهم.
انحنى عبد الرحمن عليه ثم قال في حماس
_أقوم أنا معاه ولو قټلته تجوزني بنتك الاسبوع الجاي معاه
تعالت ضحكات خالد والرجال فقال بصعوبة في الحديث
_يا ابني انا معرفش انت قاټل نفسك على الجواز كده ليه قولتلك بعد شهرين عشان حماتك تحضر يرضيك البنتين يتجوزا من غير ما تحضر فرحهم!
لوي فمه باستياء
_لا ما يرضنيش.
ثم دفع أحمد پغضب
_قوم نرقص انت كمان مش هيبقى نكد وخړاب ديار هو.
لكمه أحمد بشراسة ثم قال
_لا بقولك أيه إهدى وإختار اللي تلعب معاه بدل ما تطير في الجو يا خفيف.
إشارة فهد اليهما جعلتهم ينضمون للساحة ليتراقص كلا منهما على المزمار البلدي فحاول كلا منهم الفوز على الاخر ولكن بات الامر مرهقا للغاية فتنحوا للخلف پصدمة وتوتر استحوذ على الجميع حينما نهض الكبير عن مقعده الوثير ليقف بمنتصف الباحة ثم رفع عصاه ليشيرها تجاه آسر الذي ابتسم بفرحة فنهض ليقف مقابله وكأنه نسخة مستنسخة عن أبيه بنفس ذات الكبرياء والثبات القاټل ألقى له أحمد عصاه فإنتشالها ببراعة ثم رفعها تجاه عصى أبيه لتبدأ الملحمة الشرسة بينهما والرجال في حالة من الحماس لمشاركة الكبير لهما فكان نجله يشاركه بدهائه فلم يجد الفوز عليه أمرا هين طالت المبارزة بينهما وعازف المزمار لا يتوقف عن العزف والجميع يترقب من الذي سينتصر كبيرهم أم الشاب الثلاثيني الذي سينوب عن أبيه وسيكن كبيرهما فيما بعد فكان المعروف عن آسر شدة ذكائه لذا إحنى عصاه بوقار أمام أبيه ثم إنحنى ليقبل يديه أمام حشد غفير من كبار أعيان الصعيد وكأنه يبلغهما رسالة صريحة بأن ليس للدهاشنة كبيرا في وجود كبيرها مادام على قيد الحياة مسد فهد على رأس ولده بحنان ثم رفعه ليضمه لصدره وهو يردد. بفرحة وفخر به
_مبروك يا ولدي ألف مبروك.
ابتسم آسر وهو يجيبه بإحترام
_الله يباركلك فيك يا كبيرنا وكبير الصعيد كلها.
أشار له فهد بالجلوس لجواره على مقعده المخصص وكأنه يعظم من شأنه مثلما فعله هو ببدء الأمر فمن يقدم الاحترام لا يحصد سواه!
نفذت حور خطتها فاستدعت رواية واخبرتها بما أرسل اليها من رسالة هامة فأسرعت الاخيرة بمنادة روجينا لتخبرها بما قالته حور وان عليها السفر للقاهرة في الحال حتى تتمكن من حضور الاختبار بالغد فقالت روجينا بحزن مصطنع
_ازاي بس يا ماما مش هلحق الامتحان اكيد انا ازاي مخدتش بالي ان بكره يوم الاختبار!
ربتت على ظهرها وهي تخبرها بحنان وارادة
_متخافيش يا حبيبتي اتفائلي خير كده وان شاء الله هتلحقي انا هروح اكلم بابا واخليه يحضرلك العربية حالا.
ثم كادت بالهبوط فقالت حور
_انا ممكن اسافر معاها يا مرات عمي بدل ما تقعد هناك لوحدها..
تطلعت لها بامتنان
_حبيبتي يا حور طول عمرك بتفكري في غيرك يا قلبي خلاص اطلعوا غيروا هدمكوا وانا هنزل اتكلم معاه.
وبالفعل أشارت رواية اليه لتخبره ما حدث فأخبرها بأن تجهز نفسها لحين استعداء السائق وامر فهد أحمد بأن يسافر معها على الفور فلم يتردد ابدا واتجه للاعلى هو الاخر ليستعد للسفر معهن..
وأخيرا لحظته المترقبة حانت بات منفردا بها بجناحهما الخاص هي الآن زوجة له تحل له ويحل لها مازال يتذكر ذلك اليوم الذي فقدها به ذلك اليوم الذي رفع به كفه ليصفعها صڤعة مداوية هدفها ان يفيقها لعادتهم الشرقية التي أنستها غربتها إياها وبالرغم من عشقه لها الا ان تمسكه ايمانه وعقيدته كانت أقوى من حبه
لها والآن قد نال
صبره لسنوات طويلة دنا منها بدر ليرفع عنها الطرحة البيضاء ليجدها تمنحه نظرة يسكن فيها حبه وإحتراما كبير له فمنحها إبتسامة جذابة تتبعها قوله
_خلاص بقبتي ليا قولا وفعلا.
ضحكت على مرحه بالحديث ثم قالت بجدية
_عارف يا بدر انت الحاجة الوحيدة اللي اختارتها صح في حياتي كلها.
خفق قلبه لكلماتها فاحتضن وجهها ليقربها منه يذيقها عشق بريحقه الخاص ثم ابتعد عنها ليهمس برغبة تجاهها
_بأحبك..
همست هي الاخرى وافصحت عما تدفنه بداخلها
_وأنا بمۏت فيك.
كلماتها كانت كافيلة بمنحه الآذن لاقټحام عالمها الذي تأثر بما فعله ذاك اللعېن فأمسك محبوبها يدها ليجعلها تتخطى أول عقبة بقټله والاخرى حينما أذاقها عشق جعلها تثق بأن الحب يلين الصخر اذا أراد دعته يصطحبها لعالمه وكانت مرحبة بذلك لتصبح الآن زوجة له وهو حصن لها...
بجناح آسر
يعلم جيدا كم هي خجولة رقيقة بطباعها لذا منحها مساحة خاصة بها حتى لا يزعجها فأبدل ملابسه لبنطال أسود وتيشرت أبيض ضيق يبرز جسده الرياضي بوضوح ثم خرج لشرفة جناحه الخاص لأكثر من نصف ساعة فما أن استمع لباب الحمام يفتح حتى استدار تجاهها فوجد حورية تطل من أمامه تتخفى خلف مئذرها الأبيض وشعرها الأسود مفروض من خلفها عينيها
تتهرب من لقاء عينيه وأصابعها تعبث بخصلات شعرها بإرتباك لمسه آسر أراد لو رفعت عينيها تجاهه يرد التمنى بحدقتيها الخضراء فماذا سيريد بعد ذلك إقترب منها بخطوات بطيئة ومع كل خطوة كان يخطوها كانت تعود هي للخلف تلقائيا ودقات قلبها تكاد تكون مسموعة إليه فأزاحت خصلة شعرها خلف آذنيها بتوتر حاصرها آسر بين ذراعيه والحائط ثم رفع ذقنها بيديه ليجبرها على التطلع اليه فابتسم وهو يهمس بما حپسه بداخله منذ لقائهما الاول
_عنيكي زي المغناطيس بتجذبني من غير أي مجهود صغير منك.
وابتسم وهو يشاكسها قائلا
_يمكن ربنا انعم عليا لانه عارف أد أيه بحب أبص للخضرة والطبيعة..
ثم انحنى ليهمس بمكر
_بس يارب متمليش من نظراتي ليكي.
ابتلعت تسنيم ريقها بارتباك فحاولت رسم ابتسامة بدت شبه باهتة لم يكن يشعر بالضجر لما تجتازه من توتر وخجل مبالغ به بل كان يقدرها ويقدر حياءها للغاية لانه
متابعة القراءة