فإذا هوى القلب، بقلم منال سالم ( الجزء الاول)
لم يجدها فبحث سريعا بعينيه عنها فرأها تسير بخطى متعجلة فركض خلفها مرددا بصوت مرتفع
انتي يا أستاذة!
توقفت عن السير لتلتفت نحوه وردت عليه بإنزعاج
عاوز ايه
رمقها بنظرات حادة قبل أن يعاتبها بسخط
دي شكرا بتاعتك بعد ما منعته عنك
زمت شفتيها للجانب ليزداد عبوس وجهها ثم ردت عليه بامتعاض
دقق دياب النظر في قسمات وجهها وأردف قائلا بدون سابق إنذار
شكلك مش غريب عليا!
ظلت بسمة متجهمة الوجه وهي تجيبه بضيق
ما هو انت متعرفنيش بس أنا عرفاك كويس يا ابن الحاج طه!
أثار ردها الغامض فضوله أكثر لمعرفة هويتها تحديدا خاصة أنه بات متأكدا من وجود صلة قرابة بينهما فتساءل بجدية
ردت عليه بنبرة متأففة وحاجبيها مرتفعان للأعلى
اه هي بعينها أنا بنتها بسمة!
ابتسم لنفسه بغرور بعد أن أصاب في تخمينه لها وردد بثقة
اها افتكرتك!
رمقته هي بنظرات قوية قبل أن تتركه وتتحرك مبتعدة عنه متجاهلة إياه عن عمد.
أزعجه تصرفها الفظ معه فسار إلى جوارها أولا ثم سبقها بخطوة ليسد عليها الطريق متسائلا بقوة
أجابته بتهكم وهي تزفر في وجهه بنفاذ صبر من اعتراضه لطريقها
هاعمل محضر للزفت ده وأشوف شغلي عندك مانع
حدجها دياب بنظرات قوية مرددا بصوت جاد
استني الليلة خلاص اتلمت وأنا خدت منه كلمة إنه مايتعرضلكيش فمافيش داعي....
قاطعته قائلة بإصرار وقد ظهرت العصبية في نبرتها
أنا مش هاسيب حقي من الحيوان ده!
هو اللي عملتيه قليل ده أنتي بعترتي بكرامته الأرض!
هتفت بعصبية وهي تنفخ پغضب
مش كفاية!
أيقن دياب أنه يتعامل مع شابة عنيدة متمسكة برأيها فأثناها عنه قائلا بجدية
طب ويصح تمشي وهدومك مقطعة كده
ثم أشار بعينيه نحو كتفها الأيسر الذي ظهر جزءا منه من أسفل كنزتها التي تمزقت بفعل التشاجر مع زوجة الجزار.
حاولت هي تغطية ذلك الجزء المتعري من كتفها بيدها فتابع هو قائلا بصوت آمر
اطلعي يا بنت عواطف عند أمك!
ردت عليه بتذمر وهي تحاول تعديل هندامها ليخفي البارز من جسدها
اسمي بسمة مش بنت عواطف
رفع كفيه أمام وجهها ليردد بجمود
تمام.. وصلت! اتوكلي على الله وارجعي بيتك!
زفرت بحدة أكبر واستدارت عائدة للخلف وهي تضع يدها على كتفها وتمتمت بكلمات غاضبة لكنها وصلت إلى مسامع دياب الذي دس كفيه في جيبي بنطاله
هو يوم باين من أوله! مهبب على دماغي ودماغ أهلي!
تقوس فمه بابتسامة باهتة وهو يراقبها تنصرف من أمامه ثم أخرج زفيرا عميقا من صدره وتحرك بخطوات واثقة نحو وكالة أبيه وهاتفا بصوت جهوري
يالا الكل على مصالحه المولد اتفض!
لمح دياب أخيه منذر وهو يسير بخطوات أكبر للركض نحوه صائحا بنبرة مشحونة
في ايه يا دياب العمال بلغوني إنك بتتخانق هنا و....
قاطعه دياب بهدوء وهو يقف قبالته
اطمن يا منذر حاجة هبلة كده وعدت!
ثم جاب بأنظاره سريعا على رجال أبيه الذين تجمعوا سريعا وهم يحملون في أيديهم العصي الغليظة وبعض الأدوات الحادة.
سأله
منذر بنبرة قاتمة وقد تحولت نظراته للإظلام
يعني مافيش عوأ ولا....
نفى أخيه الأصغر الأمر قائلا بتأكيد
لالالا.. أنا حلت المشكل!
هز منذر رأسه بتفهم وأشار بإصبعيه لرجاله الواقفين خلفه ليعاودوا أدراجهم وهتف بصوت خشن
ماشي يالا على الوكالة أبوك مستنينا هناك!
رد عليه دياب بنبرة عادية وهو يربت على ظهر أخيه
طيب بينا!
خرجت ولاء من المرحاض وهي تجفف شعرها المبتل بمنشفة قطنية ثم جلست على المقعد الصغير الموضوع أمام التسريحة لتبدأ في تمشيطه برفق.
أدار مازن جسده للجانب ليراقبها بنظرات راغبة أكثر فيها ثم نفث دخان سيجارته في الهواء دون أن ينبس بكلمة.
رأت هي انعكاس صورته المتطلعة لها بشھوانية في المرآة فابتسمت لنفسها بغرور وثقة.
التفتت نحوه برأسها وهتفت متسائلة
أجابها بفتور دون أن تتبدل ملامحه أو يحيد بنظراته عنها
والله أنا عاوز بس الرك عليكي إنتي!!
أثار رده حفيظتها فنهضت من مكانها ووقفت قبالتها لترمقه بنظرات حادة وهي توجه سؤالها الجاد إليه قائلة
قصدك ايه!
اعتدل في نومته وسحب بيده الوسادة ليضعها خلف ظهره ثم نظر لها بنظرات ذات مغزى وأجابها بنبرة غامضة
أنا لو قولت مافيش ضرر عليا!
ضاقت نظراتها نحوه وكتفت ساعديها أمام صدرها وكانت على وشك الرد عليه لكنه بادر فهمت مقصده فتبدلت تعابير للإنزعاج وأرخت ساعديها بضيق كبير.
جلست على طرف الفراش إلى جواره وزفرت بغيظ وهي تهتف من بين شفتيها
أوف يادي يحيى اللي معجزني ومكتف ايدي!
نفخ في وجهها دخان سيجارته ورد بنبرة متحدية وقد تجمدت نظراته عليها
أحب ما على قلبي يا ولاء إني أقف في وش طليقك وأقوله إني اتجوزتك وبقيتي مراتي!
نظرت له بجدية بينما تابع هو بحذر
بس أنا عارفه مچنون هايخسرك كل حاجة وهيدفعك الدين القديم والجديد ومش بعيد يموتك!
تملكتها العصبية وصاحت بنبرة أقرب للصړاخ
مازن خلاص قفل على سترته بټعصبني!
رد عليها بنبرة عقلانية من وجهة نظره وهو يطفيء العقب الأخير في سيجارته
ماهو كل مرة بنتكلم فيها عن اعلان جوازنا بنوصل لنفس الطريق المسدود ده فخلينا كده أحسن لحد ما أخلص منه خالص!
نهضت من على الفراش واتجهت نحو خزانة الملابس لتنتقي لنفسها ثوبا ملائما ولكنها التفتت فجأة للخلف لتضيف بغموض
صحيح الكلام اللي سمعته
انتبه لجملتها وسألها باهتمام وقد انعقد ما بين حاجبيه
انهو كلام
أجابته بنبرة جادة ونظراتها القوية مسلطة عليها
انت هتدخل معاه شريك
لوى ثغره للجانب ونفخ بصوت مسموع ثم أجابها بتنهيدة محتقنة
على عيني والله بس أبويا اللي عاوز كده!
هزت رأسها متفهمة وسألته بفضول
أها ولازمتها ايه الشراكة دي
أجابها بصوت قاتم وقد حدق في الفراغ أمامه
مفكر إنه بكده بيهدي اللعب بينا ميعرفش إنها والعة وعلى أخرها !
مطت فمها للجانب وأضافت قائلة بضجر
مممم.. وانت طبعا مضطر تكون معاهم!
هز رأسه بإيماءة هادئة وهو يجيبها بنبرة غامضة وغير مريحة على الإطلاق
ايوه يمكن تكون دي السكة اللي أحط فيها ايدي على كل حاجة وأخد بحق مجد أخويا المسجون!
وقفت عواطف أمام حوض الغسيل لتكمل تنظيف الصحون المتسخة وهتفت بإحباط
يا مراري اللي مابينتهيش!
هدهدت ابنتها نيرمين رضيعتها التي تحملها بين ذراعيها لتغفو وردت عليها بحنق
كفاية بقى يا ماما أنا مش ناقصة تنكيت فيا اللي مكفيني!
تابعت عواطف عويلها قائلة بحزن
آه ياني اتخرب البيت واحنا لا حول لينا ولا قوة
ردت عليها نيرمين بعصبية وقد استشاطت نظراتها
هو وأهله كانوا عاوزين ېخربوه من الأول وماسكتشوا إلا لما عملوا ده!
أضافت والدتها قائلة بجدية وهي تحاول التفكير بعقلانية
احنا عاوزين نشوفلنا صرفة في
حاجتك مش هانسيبهالهم ولازم نربيه!
ردت عليها نيرمين بحزم
هايحصل أنا كلمت واحدة صاحبتي تشوفلي محامي شاطر وربنا يسهل!
سألتها عواطف بجدية وهي تغلق الصنبور
القايمة موجودة معاكي صح
أومأت برأسها إيجابا مرددة بثقة
ايوه خدتها
تابعت والدتها قائلة بنبرة عازمة
كويس نديها للمحامي ويصطفل مع العالم دول!
ثم تنهدت بعمق لتضيف بتضرع
كملها بالستر معانا يا رب !
استمعت كلتاهما إلى صوت غلق باب المنزل فخرجتا سويا من المطبخ ليريا من بالصالة.
تفاجأت الاثنتان بوجود بسمة وهي في حالة غير مهندمة.
تساءلت عواطف بتوجس قليل وهي تدقق النظر في ابنتها
ايه اللي رجعك يا بسمة
أجابتها الأخيرة بصوت مغتاظ وهي تلقي بحقيبتها على الأريكة القريبة
كنت بتخانق تحت مع الزفت الجزار!
لطمت عواطف على صدرها شاهقة بفزع
يا نصيبتي تاني! ايه اللي حصل
أجابتها بصوت محتد وهي تغطي كتفها
اتعرضلي وكان عاوز يجيب رقبتي بالساطور
اتسعت حدقتي والدتها في إرتعاد أكبر وشهقت مذهولة
يا لهوي!!!!
تابعت بسمة حديثها قائلة بامتعاض
بس ابن الحاج طه اتدخل ومنعه!
تنهدت عواطف بإرتياح لوجود أحدهما في المنطقة وقت حدوث المشاجرة وتدخله لإنقاذها قبل أن يتطور الوضع للأسوأ..
وبالطبع الفضول تملك نيرمين لمعرفة هويته تحديدا فتساءلت باهتمام
مين فيهم منذر ولا دياب
التفتت بسمة نحوها وأجابتها بفتور
هتفرق يعني معاكي يا نيرمين!
ردت عليها بنبرة مستاءة تحمل السخط
لأ بس الواحد لما بيشوف الرجالة اللي زيهم بتصعب عليه نفسه!
هتفت والدتهما بنبرة شاكرة
الف حمد وشكر ليك يا رب دايما ساترنا!
هتفت بسمة بنبرة عدائية وهي تشير بيدها
والله لو كان سابني عليه كنت خلصت عليه!
ڼهرتها والدتها على تصرفاتها المتهورة قائلة بتبرم
كفاية خناقات الله يهديكي كل يوم فضايح وقلة قيمة
نفخت بسمة بصوت مسموع ولم تعقب عليها فهي تعلم أن الحديث معها لن يجدي بأي حال..
نظرت نيرمين لأختها شزرا وتمتمت قائلة بفتور
الكلام مع بنتك مش هيأثر هي بتعمل اللي في دماغها وبس
رمقتها بسمة بنظرات ساخطة ثم هتفت من بين أسنانها بتأفف
أنا داخلة أغير هدومي خلوني ألحق أروح الدرس بدل ما اليوم يضيع هدر!
رفعت عواطف بصرها للسماء وهمست متضرعة
أسند طه أريجلته على الجانب بعد أن فرغ منها ثم حدق في الأوراق الموضوعة أمامه على سطح المكتب ليحصر الطلبات الأخيرة الخاصة بالعملاء ولكنه رفع بصره للأعلى حينما سمع صوتا مألوفا يناديه بود
سلامو عليكم!
ابتسم طه ابتسامة عريضة وهتف مرحبا وهو ينهض لمصافحة مهدي
يا مرحب بالحاج مهدي الوكالة نورت !
بادله الأخير المصافحة ثم جلس على المقعد المقابل لمكتبه وردد قائلا بعتاب زائف
أهلا بيك يا حاج طه قولت أعدي واسأل بدل ما أنتو مقللين الزيارات عندي
أجابه طه بنبرة مرهقة
مشغوليات يا مهدي أديك شايف السوق وطلباته اللي مابتخلصش!
هز مهدي رأسه متفهما وهو يقول
الله يكون في العون!
سأله طه بجدية وهو يشير بيده لأحد عماله
تشرب ايه
رفع مهدي كفه للأعلى قائلا بإعتراض
مالوش لزوم
احتج طه على رفضه للقيام بواجب الضيافة معه مبررا
ودي تيجي بردك ده انت ضيفي أنا هاطلب أكل وشاي نحسب بعدها
أصر مهدي على رأيه قائلا
والله ما له أي لازمة أنا واكل وكله تمام والحمدلله
في نفس التوقيت ولج منذر إلى داخل الوكالة متحدثا في هاتفه المحمول بكلمات مقتضبة وغامضة
خلاص تمام على قديمه ولو في حاجة اطلب عليا! سلام!
أنهى المكالمة مع المتصل ثم اقترب من الحاج مهدي ليصافحه قائلا بصوت جاد
سلامو عليكم ازيك يا حاج مهدي منورنا!
رد عليه مهدي بابتسامة مصطنعة
وعليكم السلام يا منذر يا بني
الټفت منذر ناحية أبيه وهتف بجدية وهو يوميء بعينيه
بأقولك يا حاج دياب راح المخازن يحمل بضاعة ويسلمها وهيرجع على الفجر كده!
رد عليه طه بهدوء
اها
ربنا معاه ويعينه
ثم استدار ناحية مهدي وجلس في مواجهته وباشر حديثه مرددا
شرفتنا يا حاج مهدي الوكالة بتاعتك انت مش غريب فاعذرني لو مشغول عنك شوية!
رد عليه مهدي بتفهم
الله يكرمك ابن أصول!
هتف الحاج طه متسائلا بنبرة عادية
ها قولي ايه الأخبار معاك
سلط مهدي أنظاره عليه ورد عليه بنبرة غامضة
ده أنا اللي جاي استفسر عن الجديد عندكم يا حاج طه
تبادل طه مع ابنه البكري نظرات حائرة فأكمل مهدي موضحا بجدية
قصدي عن المطعم!
رد عليه طه بهدوء وهو ممتعض الوجه بسبب استشعاره لوجود شكوك ما في نفسه
احنا شغالين فيه!
اكفهرت تعابير وجه منذر بعد أن لاحظ الضيق