فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
بخطړ مهلك
اللي حصل ده يا عواطف مش هايعدي على خير خليكي فاكرة ده كويس!
شهقت قائلة بهلع
بس أنا ماليش ذنب و....
قاطعها هاتفا بصرامة وهو يشيح بوجهه بعيدا عنها
ده أخر ما عندي ماټ الكلام بالسلامة يا بنت خالة أبويا!
لم تضف المزيد وانصرفت لتلحق بإبنة أخيها مرددة بتخوف كبير
عملتي كده ليه بس يا بنتي استرها علينا يا رب في اللي جاي ا!!!
الله يبارك فيك يا باشا
حذره المأمور قائلا بجدية
مش عاوزين مشاكل تاني يا أبو النجا امشي عدل!
أومأ برأسه ممتثلا
اطمن يا باشا!
لوح له بظهر كف يده متابعا بصرامة
اتفضل خده يا شاويش!
رفع الصول كفه أعلى جبينه مؤديا التحية العسكرية وهو يرد بصوت رسمي
تمام يا فندم!
آمال الصول رأسه على مجد قائلا بصوت خفيض
هنيالك يا عم! افتكرني!
رد عليه مجد بخبث
أجابه الصول هامسا
اه كاتبه!
مرددا
حلو أوي! وهنتقابل كتير
تنحنح الصول بخفوت قائلا بابتسامة صفراء
احم.. ماشي!
ثم خشن من نبرة صوته ليبدو أكثر صرامة وهو يصيح بحدة
يالا يا مسجون اتحرك شوية!
ماشي يا شاويش!
أرادت أن تخرج من تلك الحالة المتخبطة المسيطرة عليها وترى أخر ما ترك لها من أبيها الراحل لعل ذلك يثلج صدرها الملتاع..
لم تجد صعوبة في البحث عنه فقد وجدته بسؤال أحد المارة القاطنين بالمنطقة الشعبية..
تباطئت خطواتها حينما وقعت أنظارها عليه..
دققت النظر في كلماتها الباهتة وقرأتها بصوت خاڤت
دكان الحاج خورشيد!.
كان الدكان واضحا للعيان بسبب إحاطته بتلك المحال حديثة التجهيز..
بدا كبقعة أثرية قديمة تتوسط تلك التصاميم الحديثة..
قفز قلبها طربا ولمعت عيناها بعبرات خفيفة..
شعرت أنها وجدت جزءا مفقودا منها..
لوهلة ظنت أنها عادت بالزمن لأشهر مضت حيث كانت في كنف أبويها..
سالت منها العبرات دون وعي فكفكفتها براحة يدها..
أخذت شهيقا
عميقا ودنت أكثر منه.
زاد خفقان قلبها ونهج صدرها من التوتر..
أغمضت عيناها مستعيدة ذكريات قديمة مطمئنة..
تنفست بعمق ثم عاودت فتح جفنيها لتشرع في فتحه.
وجدت صعوبة في فتحه فقد كان صدئا للغاية..
استجمعت كل قوتها لتفتحه لكنها لم تستطع كانت تحتاج لمجهود كبير لتتمكن من فتحه..
خشيت أن ينكسر المفتاح بالقفل فيتعذر عليها إخراجه لذا تراجعت مؤقتا عن تلك الفكرة حتى تستعين بذوي الخبرة في فتحه..
أكثر ما أراحها أنها شعرت بأن لذلك المكان روحا.. روحا تذكرها بماضيها الطيب بحنينها إلى من تشتاقهم.. بعائلتها الغالية...
ألقت نظرة أخيرة على الدكان قبل أن تودعه قائلة لنفسها بإصرار عنيد
انت ملكي مش هافرط فيك!
رأتها عواطف من بعيد بعد أن كانت تبحث عنها پخوف فهتفت صائحة
أسيف!
استدارت الأخيرة نحوها عقب سماعها لصوتها وتحركت عائدة إليها بخطوات سريعة نسبيا..
أكملت عمتها هاتفة بتساؤل
كنتي فين يا بنتي
أجابتها بصوت شبه مخټنق
عند دكان أبويا!
رفعت عواطف أنظارها للأعلى لتحدق خلف كتف أسيف فرأت بالفعل الدكان..
لقد وصلت إليه بمفردها.. وبدا عليها التأثر من رؤيته.
تنهدت بآسى وهي تربت على ذراعها
طب يالا بينا نرجع البيت!
لم تعترض أسيف وأكملت معاها السير وهي تفكر فيما ستفعله فيما بعد...
لاحقا سردت عواطف على ابنتها نيرمين ما دار بين منذر وأسيف..
أصرت الأخيرة على معرفة كافة التفاصيل خلال تلك المشادة الحادة..
ولا يغني من جوع ناهيك عن زيف إدعائها الباطل بالسړقة..
وإزاي تسكتيلها يا ماما مجريتهاش من شعرها ليه قبل ما تتنيل تبوظ الدنيا
ردت عليها عواطف بقلة حيلة وهي ټضرب على فخذيها بكفيها
مجاش في بالي انها هتعمل كده!
توعدتها نيرمين قائلة بشراسة
أنا هاروح أموتها مش سيباها!
أمسكت بها والدتها بصعوبة قائلة بنبرة حادة
اقعدي انتي كمان هو
أنا كل ما أهديها من ناحية تولع من الناحية التانية!
صاحت فيها نيرمين بانفعال جلي مهينة إياها
لأن البت دي غبية ومابتفهمش عاملة نفسها ناصحة وهي جاية من ورا الجاموسة!
صړخت فيها عواطف بنفاذ صبر
بس بقى كفاية أنا معنتش قادرة
أصرت نيرمين على الإشتباك معها قائلة بعصبية
مش هاسكتلها يا ماما دي هاتسوق فيها!
تملصت من قبضة أمها ثم اندفعت پجنون نحو الخارج صاړخة بصوت مرتفع مهتاج
انتي يا اللي اسمك زفت أسيف إنتي يا وش البومة يا فقر تعالي هنا كلميني!
اكلمي عدل معايا!
مفكرة نفسك مين عشان تخلينا نعادي أسيادك!
صړخت أسيف متأوهة من شدة الألم وحاولت تخليص شعرها من يدها قائلة پجنون
آآآآه سيبي شعري يا متخلفة آآآآه!
من المعروف أن أبسط وسائل الدفاع عن النفس هي المبادرة بالھجوم المباغت على الخصم في مواضع الألم لتشتت تركيزه..
آآآه يا بنت ال.....!!
أفلتت أصابعها نسبيا عن شعرها واضعة قبضة يدها الأخرى على بطنها.
إياكي تغلطي فيا تاني مش هاسكتلك والقلم ده يعرفك أنا مين!
في تلك اللحظة تحديدا شهقت عواطف غير مصدقة ما يدور بين الاثنتين..
أسرعت بالتدخل بينهما وشكلت بجسدها حائلا لتفصل بينهما قائلة بذهول
وضعت نيرمين يدها على صدغها متحسسة إياه وصاړخة بإهتياج وهي تشير بسبابتها الأخرى
هولع فيها النهاردة هاجيب أجلها!
ردت عليها أسيف بجرأة غريبة لا تعرف من أين جاءتها
بس!!
صړخت عواطف بتلك الكلمة الموجزة وهي تضع يديها على أذنيها..
تابعت قائلة بصوت متشنج وهي توزع نظراتها على الاثنين
اعملولي احترام في ايه!!!!
ثم ركزت أنظارها على أسيف وحدها.. تلك الضعيفة التي تحولت فجأة من مجرد حمل وديع إلى وحش ضاري..
لقد برزت لها أنياب تهدد وتتوعد غير عابئة بتبعات أي شيء..
في لحظة ما فاصلة في حياة الفرد تتعرض فيها شخصيته الطبيعية لضغوطات نفسية قاسېة ومستمرة مصحوبة بإهانات تتجاوز حد المقبول من المحيطين به فتدفعه دفعا للإڼفجار في وقت غير متوقع حينما يصل الأمر معه لذروته.. وهذا ما صار مع أسيف ..
لقد بلغت القمة بتحميل نفسها مالا تطيق.. فإنهارت قواها المتماسكة وتحفزت حواسها للدفاع
الفصل الثلاثون
ألغى كافة الإرتباطات الخاصة به بعد لقائهما الحاد لم يستطع التفكير بذهن صاف فظن أنه من الحكمة حاليا أن يبتعد عن ضغط العمل حتى يستعيد هدوئه.
جلس على مقعده مسترخيا معتزلا ما حوله..
أسند أمامه أحد صبيان المقهى الشعبي قهوته الخاصة أمامه وانصرف مبتعدا دون أن ينبس بكلمة خاصة بعد أن لاحظ الوجوم المسيطر عليهكذلك تجنب كافة العمال بالوكالة الاقتراب منه أو السؤال عن أي شيء يخص العمل وتركوه بمفرده مختليا بنفسه وجلسوا هم بالخارج يثرثرون كعادتهم قبل انصرافهم..
شبك منذر كفيه خلف رأسه وهو يحرك مقعده بحركة ثابتة..
حدق أمامه بنظرات فارغة متذكرا ما مر به معها منذ لقائهما الأول..
التوى فمه للجانب مبتسما بسخرية مريرة..
أخذ نفسا عميقا حپسه في صدره ثم لفظه دفعة واحدة وهو يوميء برأسه معاتبا نفسه على اعتقاده الخاطيء..
يا لسخرية القدر!
هو ظن يوم أن إلتقاها صدفة أنها متسولة تخدع الناس ببراءتها المصطنعة ودهائها الماكر فتسرق أموالهم برضائهم واليوم هي عاملته بنفس ظنه السيء بها..
تمتم مع نفسه بتنهيدة مطولة
واحدة بواحدة!
اعتدل في جلسته وأرخى ساعديه متابعا بنبرة غامضة
بس مش خالصين يا بنت رياض!
هب واقفا من مكانه ملتقطا هاتفه المحمول باحثا عن رقم شخص ما ليحدثه..
تحرك نحو الخارج فانتفض العمال من أماكنهم فور رؤيتهم إياه..
مرر أنظاره عليه قائلا بصرامة
اقفلوا الوكالة وروحوا على بيتكم
رد عليه رئيس عماله بجدية
تمام يا ريس!
وضع الهاتف على أذنه قائلا بهدوء مريب
سلامو عليكم يا باشا معلش هازعجك شوية!
صمت للحظة قبل أن يتابع بجدية
في مشكلة تخص حد قريبي وعاوز سيادتك تدخل فيها وتحلها!
صمت ليصغي للحظة للطرف الأخر قبل أن ينطق نافيا
لأ مش حاجة رسمي بس يهمني أعرف مين اللي عمل كده
أوصدت باب الغرفة خلفها حابسة نفسها بعد مواجهتها الشرسة معها..
كانت تدافع عن نفسها ترد الإساءة المهينة لها..
هي كانت كالقطة المسالمة ضد العڼف ونابذة لكافة صوره.. والآن أصبحت شخصا أخرا..
اڼهارت قدماها وجلست مستندة بظهرها خلف الباب ثم ثنيت ركبتيها إلى صدرها لتتكور على نفسها أكثر.
نظرت إلى راحة يدها المرتجفة والمصطبغة بالحمرة الساخنة پخوف كبير غير مصدقة أنها صفعت ابنة عمتها بها.
تراقصت العبرات في مقلتيها ثم وضعت يدها على فمها كاتمة صوت شهقاتها المرتجفة..
بكت بحړقة شديدة وهي تهز رأسها بإستنكار..
ما مرت به ليس بالهين.. هي وحدها.. لا سند لها في تلك الحياة القاسېة فإن لم تكن بالقوة الكافية للدفاع عن نفسها ستلوكها الأفواه الشرسة بشراهة تاركة إياها عظاما بلا لحم..
دفنت وجهها بين ركبتيها مجبرة عقلها على عدم التفكير في أي شيء يكفيها ما نالته من استفزاز متواصل أنهك قواها على الأخير..
ظلت على تلك الوضعية لفترة من الزمن.. لا تدري إلى متى بقيت منطوية على حالة وآسفة على تفكيرها المتهور الذي أجبرها على فعل ما تبغضه..
لكن لم يتركها عقلها تهنأ كثيرا حيث أضاء ذاكرتها بصورة منذر ذلك الوجه الصلب المتبلد..
رجف جسدها وشحب لون بشرتها نوعا ما..
فتحت عيناها المتورمتين ورفعت رأسها للأعلى وهي تتنفس بتوتر...
مر ببالها مقتطفات سريعة من صدامهما الحامي وندمت على إندفاعها الغير مدروس..
فربما وطأت بقدميها معركة أخطر لن تتمكن من الظفر بها..
هزت رأسها مستنكرة حماقتها ثم دقت بها الباب بضربات خفيفة..
تساءلت مع نفسها بحيرة كبيرة
ليه بس كده ليه
فكرت في ترك المنزل بمن فيه لكنها عجزت عن تنفيذ تلك الحماقة فعليا فهي عاجزة لا تملك من المال شيئا نوعا ما مديونة لغيرها والأهم من هذا كله لا
تزال القيم والمباديء المغروسة في نفسها مسيطرة عليها..
فلن تتهور وتسيء إلى سمعة عائلتها بعد رحيلهم.
أغمضت عيناها بإحباط وهمست لنفسها مستسلمة بيأس
ماليش مكان تاني أروحه ڠصب عني لازم أفضل هنا!
أخرجت تنهيدة مليئة بالكثير وهي تتوسل لله متضرعة
يا رب خليك معايا وعيني يا رب أنا لوحدي! إنت سندي يا رب!!!
ذرعت نيرمين الغرفة ذهابا وإيابا
نظرت لها بسمة شزرا وردت بفتور
هتستفادي ايه من الدوخة دي كفاية بقى!
صاحت فيه بنبرة صاړخة تحمل الحقد
اسكتي مش عاوزة أسمع حاجة بنت ال.... خدتني على خوانة!
كزت على أسنانها متابعة بأعين تطلق شررا مستطرا
اللي هايجلطني أمك واقفة في صفها تقولش هي بنتها وأنا لأ!
كركرت بسمة ضاحكة من طريقتها المحتقنة وردت عليها بجمود
ده العادي قلبها رهيف!
اغتاظت نيرمين من أسلوبها الغير مكترث بحالتها وعدم تدعيمها لها كما كانت تتمنى فصاحت بها معنفة إياها بغلظة
بسمة أنا مش ناقصة تنكيت أنا والعة وعاوزة أحرق الزفتة اللي برا! وإنتي ولا على بالك!
نفخت بسمة دون أن تعلق عليها بينما تابعت أختها بنبرة عدائية
وايدها اللي اتمدت عليا دي هاقطعهالها!
اتجهت نحو باب الغرفة وضيقت نظراتها لتقول بشراسة وهي تضربه بقبضتها المتكورة
هاين عليا أطلع أطردها دلوقتي وأرميها في الشارع!
لوحت لها بسمة بكف يدها قائلة
اتفضلي.. حد حاشك
التفتت نيرمين نحوها محذرة بحنق
ماتسخنيش!
ردت عليها بسمة بجمود مستفز
ما انتي بتقولي كلام غريب برضوه
صاحت فيها نيرمين بانفعال
انتي معاها ولا معايا
أجابتها وهي تهز كتفيها غير مبالية
لا معاكي ولا معاها اخبطوا دماغكم في بعض!
حاولت نيرمين دفعها
للاڼتقام منها فهتفت من بين أسنانها بحدة
يا شيخة دي أخدت اوضتك من أول يوم جيتي فيه وكنتي هاتتجنني!
ردت عليها بسمة بثقة هادئة
وأنا هاخد أوضتي وبطريقتي!
ثم اتجهت نحو أختها لتقف قبالتها وهي تستأنف حديثها
بس انتي مش بتشوفي نفسك لما لسانك بيطول
رمقتها نيرمين بنظرات مشټعلة وهي ترد
أنا كده ومابتغيرش!
طيب كل واحد أدرى بعيوبه!
قالتها بسمة بتأفف وهي توليها ظهرها متجهة نحو الفراش لتلقي بجسدها المنهك عليه..
بقيت نيرمين في مكانها تشتعل حقدا وغلا مما تلقته من ابنة خالها.. حاولت التمسك ببقايا عقلها لكنها فشلت فڠضبها الأعمى يدفعها لإرتكاب المزيد من الأمور الطائشة ...
عجزت عواطف عن النوم بسلام بعد أن تأزمت الأمور اعتدلت في نومتها وجلست القرفصاء مستندة برأسها على مرفق يدها..
حركت رأسها بإيماءات ثابتة مستنكرة ذلك المأزق الذي باتت فيه..
هي على وشك خسارة دعم عائلة حرب واكتساب عداوتهم بالإضافة على صعوبة التفاهم مع ابنة أخيها والأسوأ من ذلك احساسها بمشاعر البغض والكره التي تكنها ابنتيها لها..
اختنق صدرها ولمعت عيناها بالعبرات..
تمتمت مع نفسها متسائلة بحسرة
اتصرف ازاي وأنا حاسة إني متكتفة من كل حتة
ضړبت بيدها على جبينها بحركة خفيفة قائلة
طب أحلها ازاي ډبرها يا رب من عندك!
نفضت جليلة جلباب زوجها وطوته برفق لتسنده على حافة الفراش ثم استطردت حديثها قائلة بإمتنان
الحمدلله إنك لحقته تسلم يا حاج لو مكونتش رديت عليا كنت بقيت في حوسة ده أنا مخي بقى يودي ويجيب!
صمتت للحظة لتلتقط أنفاسها ثم أضافت بحدة
ربنا ينتقم منها زي ما هي حړقة قلب ابني ومدوخاه!
رد عليها طه بامتعاض
سيبك من الكلام ده! المهم أشوف هاعمل ايه مع دياب!
أخفض نبرة صوته ليضيف بضجر
ربنا سترها البت لو كانت وقعت في ايده ولا حتى شافها مكونتش عارف إيه اللي ممكن
يجرى!
هتفت جليلة قائلة بعاطفة أمومية غريزية
أنا هاروح أطيب خاطره بكلمتين!
رفع كفه أمام وجهها قائلا بصرامة
سيبه لوحده ماتكبسيش عليه كل شوية
هزت رأسها قائلة بإستياء
على عيني والله! بس قلبي واكلني عليه وأنا مش قادرة أعمله حاجة
ثم
هتفت متسائلة بعبوس
والمحروسة طبعا قافلة تلفوناتها و ماردتش عليه
أجابها بإرهاق
لأ.. مش عارفين نوصلها
تابعت جليلة بازدراء
قليلة الرباية عملت عملتها وهربت! ربنا يوريها غلب الدنيا زي ما هي عاملة في ابني وابنه!
رد عليها طه بنبرة متوعدة
هي مش هاتستخبى على طول مسيرها تظهر والواد هنجيبه منها!
هتفت قائلة بتجهم
اللي مطمني شوية إنها أمه يعني مش ھتأذيه!
رد عليها طه بصوت غليظ
ولا تقدر تمس شعراية منه الدور والباقي على الحرباية أمها هي اللي ورا كل مصېبة!
سألته جليلة بفضول
على كده مين المنيل اللي اتجوزته
ضغط على شفتيه مرددا
مش عارفين لسه بس هيبان
على الجانب الأخر فرك دياب وجهه بغل وهو يدور بداخل غرفة ابنه بحيرة شديدة..
كان يقذف بعصبية كل ما تطاله يده جاهد لضبط انفعالاته العصبية لكنه لم يستطع.. فالمخطۏف هو قطعة غالية منه..
خشيت أروى أن تقترب منه وبقيت تتابعه من خلف باب الغرفة الموارب وهي تبكي حزنا.. فهي تحب يحيى كثيرا.. واستاءت حينما علمت بأمر اختفائه..
استمع هو لصوت نحيب ما مكتوم فاتجه نحو الباب وفتحه فجأة..
شهقت أروى مذعورة وتراجعت پخوف للخلف..
تنفس دياب بعمق ليسيطر على اندفاعه وأردف قائلا بصوت شبه متحشرج وهو يشير بيده لها
تعالي يا أروى مټخافيش!
ترددت في الاقتراب منه ووضعت أناملها على فمها بارتباك..
ابتسم بود مصطنع لها متابعا
تعالي يا بت
ردت عليه متسائلة بصوت باكي
هو.. هو يحيى مش جاي تاني
شعر بوخزة حادة في صدره من جملتها تلك ودنا منها قائلا بصوت مخټنق
هايرجع يا أروى مش هايبعد عننا!
ابني هيرجع لحضني تاني!
في صباح اليوم التالي
انتظر على أحر من الجمر ذلك الإتصال الهاتفي من ضابط الشرطة الذي تواصل معه سرا..
جفاه النوم ليلا رغم عودته للمنزل في ساعة متأخرة جدا فلم يعرف بالمشاكل الدائرة مع أخيه..
كان الإرهاق واضحا أسفل جفنيه وبدا مشتت التفكير طوال الوقت كما اشتبك مع أغلب العمال بالوكالة على توافه الأمور.
تحاشى معظمهم الحديث معه وأثروا إرسال رئيس العمال لإبلاغه فقط بالهام..
جاء إليه والده متسائلا بإستغراب وهو يضرب بعكازه الأرضية
بتخانق دبان وشك ليه على الصبح
رد عليه بتجهم موجز
مافيش يا حاج!
أومأ بعينيه قائلا بصوت آمر وهو يجلس خلف مكتبه
طب اقعد كده عاوزين نشوف حل في موضوع أخوك!
عقد منذر ما بين حاجبيه متسائلا بتعجب
ليه ماله
أجابه والده بغموض
مادرتش بمصېبة طليقته!
تساءل منذر باهتمام كبير وقد ارتسم على تعابير وجهه علامات الإنزعاج
هي عملت ايه
رمقه والده بنظرات معاتبة وهو يرد قائلا
مش بأقولك عقلك مش فيك!!
استنكر منذر تعنيف أبيه له فصاح بنفاذ صبر
ما تقول يا حاج إيه اللي حصل
أجابه طه بعبوس
البت اتجوزت وعملت نقل حضانة لأمها وخدت الود وهربوا!
انفرج فمه مرددا پصدمة وقد ارتفع حاجباه للأعلى
ايه!!! وأنا كنت فين من ده كله
رد عليه والده بامتعاض
اسأل نفسك!
أدرك منذر أنه كان مشغول البال بموضوع أسيف فلم يهتم بما يدور من حوله وبات منصب التفكير عليها فقط.. فاعتذر لأبيه قائلا بجدية
معلش يا حاج أنا هاتصرف وهاعرف هي ودته فين ليا لي سكتي!
تنهد طه قائلا بضيق
شوف هاتعمل ايه لأحسن حايش أخوك بالعافية عنها! ده ممكن يرتكب جناية فيها وفي أمها وعيلتها كلها!
تساءل منذر بجدية
ودياب فين دلوقتي
أجابه بابتسامة ساخرة
أمك عاملة عليه كماشة في البيت مش عايزة تسيبه ينزل!
أشار منذر بسبابته قائلا بحسم
خلاص يا حاج الموضوع بقى عندي وانا هاتصرف معاهم وهاكلم المحامي كمان
هز طه رأسه متفهما
شوف هاتعمل ايه
حاضر
وقفت مرتبكة أمام مخفر الشرطة مترددة في الدخول إليه فلم تذهب إليه مطلقا لكنها كانت
مضطرة لهذا.
فركت أصابع كفيها القابضين على حقيبتها بتوتر.
هي قضت ليلتها تفكر في وسيلة للدفاع عن نفسها فصدى كلمات منذر لم يفارق أذنيها..
خاڤت أن يسلبها مالا تستطيع رده خاصة أن وضعها المادي بات سيئا.. هي تكاد تكون شبه مفلسة.
وبعد تفكير مضني هداها عقلها لفعل ذلك..
لم تبلغ عمتها بنيتها في تقديم شكوى واتهام منذر رسميا بأنه سارق نقودها حتى لا تمنعها عن هذا وإدعت أنها ذاهبة لترى الدكان في وضح النهار..
أرادت أسيف أن تتبع الإجراءات القانونية كي تحمي نفسها من بطشه إن فكر في التجرؤ عليها..
استدلت على طريق المخفر من بعض المواطنين ووصلت إليه بيسر..
ابتلعت ريقها پخوف واستجمعت شجاعتها الفارة لتتحرك بخطوات متمهلة نحو الداخل..
سألت أول فرد شرطة قابلته بنبرة مرتجفة
لو.. لو سمحت أنا.. أنا فلوسي اتسرقت و..... وعاوزة أبلغ عن اللي سرقهم!
رد عليها العسكري بجمود وهو يوميء بعينيه
خشي جوا عند الصول نظيم!
هزت رأسها بإيماءة مترددة وهي تتجه إلى حيث أشار.
ازدردت ريقها بتوتر أكبر واقتربت من حافة المكتب الرخامي المرتفع متسائلة بصوت مرتبك
أنا.. أنا عاوزة أعمل محضر في واحد سرقني
رمقها الصول بنظرات مزدرية ممررا عيناه عليها ليتفحص هيئتها بدقة ثم سألها بنبرة رسمية
واتسرقتي فين ان شاء الله
أجابته بصوت متوتر وهي ترمش بعينيها
في.. في اللوكاندة! كنت أعدة فيها أنا وماما الله يرحمها وهو جابلي الشنط بس ملاقتش الفلوس فيها و...
قاطعها قائلا بجدية
لأ بالراحة كده ومن الأول !
ثم فرد كفه أمامها متابعا بصوت آمر
بس هاتيلي بطاقتك الأول خليني أخد بياناتك!
حركت رأسها عدة مرات مرددة بإمتثال
ماشي..
دست يدها في حقيبتها باحثة عن بطاقة هويتها بها ثم أعطتها له..
تناولها منه محدقا فيها للحظة قبل أن يمط فمه هاتفا
مممم.. انتي مش من هنا بقى
هزت رأسها نافية وهي تجيبه
لأ!
ظلت أسيف باقية بالمخفر تدلي بأقوالها في شكواها الرسمية معطية الصول كافة التفاصيل التي وردت إلى عقلها وأجابت على أغلب تساؤلاته الدقيقة..
دون هو ما قالته في المحضر وما إن انتهى حتى هتف قائلا
امضي هنا!
أمسكت بقلم الحبري ووقعت بجوار إصبعه ثم تركته متسائلة بارتباك
كده انتو هاتقبضوا عليه
ضحك الصول ساخرا
مش بسرعة كده احنا هنستدعيه الأول ونحقق معاه ونشوف هايقول ايه!
عضت على شفتها السفلى متمتمة بخفوت
طيب
سألها بنبرة جادة وهو يدون بعض العبارات الختامية في تلك الأوراق
في حاجة تانية عاوزة تكتبيها
هزت رأسها نافية وهي تقول
لأ
رفع بصره نحوها متابعا باقتضاب
ماشي تقدري تمشي!
ابتسم بتكلف قائلة
شكرا يا شاويش!
تناولت هويتها منه وأعادت وضعها بحقيبتها ثم أسرعت في خطاها خارجة منه مرددة لنفسها بإرتياح قليل
كده أحسن أنا ماضمنش هو ممكن يعمل ايه!
اتسعت حدقتاه بشدة بعد احتقانهما حينما سمع تلك العبارة التي أججت ثورة غضبه بداخله من محاميه الخاص
عرفت هي اتجوزت مين يا أستاذ دياب!
صړخ فيه بنفاذ صبر وقد برزت عروق دمائه المغلولة
انطق مين
سمع صوته المرتبك يجيبه بتلعثم
م.. مازن أبو النجا
جحظت عيناه بذهول وصاح مصډوما
بتقول مين
أعاد المحامي على مسامعه اسم الزوج الحالي لطليقته السابقة
مازن مهدي أبو النجا!
أطلق دياب سبة لاذعة وهو يضرب بقبضته المتكورة پعنف على ضلفة خزانة ملابسه
ابن ال......!
خلعت الضلفة قليلا على إثر قوة الضړبة العڼيفة محدثة صوتا مزعجا..
توجس المحامي خيفة مما قد يحدث لاحقا من قبل موكله لكنه كان مضطرا لإبلاغه بما عرفه..
وتابع بحذر
تم توثيق الجواز رسمي بعد ما كان عرفي!
وكأن الصدمات تتوالى على رأسه تبعا فصړخ متسائلا پجنون غير مصدق
اييييه يعني كانوا متجوزين عرفي الأول
أجابه المحامي بإختصار
اه! ده اللي عرفته!
لم يستطع تبين ما يردده موكله بوضوحووجد صعوبة في التواصل معه فهتف بقلق
ألو.. أستاذ دياب
انت معايا ألووو!!!
ألقى دياب بالهاتف على الأرضية لېتحطم إلى أجزاء صغيرة ثم اندفع خارج غرفته ووجهه ينذر بکاړثة وشيكة..
رأته جليلة على تلك الحالة المخيفة فإنقبض قلبها پخوف بائن وأسرعت تلحق به.
اعترضت طريقه واضعة يديها على ذراعيه ونظرت له بنظرات زائغة ساءلة إياه بتوتر كبير
رايح فين يا بني
أزاح قبضتيها عنه هاتفا بصوت محتد
اوعي يا أمي من وشي السعادي بدل ما ارتكب جناية هنا!
قفز قلبها في قدميها وتسارعت أنفاسها وهي تضيف پخوف
استنى يا دياب وفهمني بس في....
دفعها بقوة للجانب ليتمكن من المرور مرددا بإحتقان
حاسبي الله يكرمك!
صړخت فيه متوسلة إياه أن يتراجع عما ينتوي فعله
دياب يا دياب!!!
في نفس التوقيت وصلت بسمة إلى مدخل البناية القاطنة بها عائلة حرب.. فهي أرادت استغلال فرصة عطلتها العرضية للإنتهاء من إعطاء الصغيرين درسهما الخصوصي..
تأوهت بأنين خاڤت وهي تحدث نفسها بصوت لاهث
آآه يا مفاصلي أنا عارفة مش بيركبوا أسانسير ليه في العمارات دي!
رفعت أنظارها للأعلى لتتابع بتبرم
ده الدور هنا بدورين! والبهوات ناقص يسكنوا على السطح!
أكملت صعودها على الدرج وهي تتذمر بكلمات مبهمة لكنها شهقت مذعورة حينما رأت ذلك الطيف المظلم في زاوية الطابق التالي
يا ساتر يا رب مين ده
تجمدت في مكانها محاولة تبين هوية ذلك الشخص..
لم تتمكن من رؤيته بوضوح فتحركت بحذر للأعلى ودققت النظر فيه..
كان المتواجد هو شاب مرتديا ثيابا داكنة موليها ظهره ومن الوهلة الأولى تظن أنه مصاپ بشيء ما فهو غير متزن ويترنح بجسده بصورة مقلقة..
كان يسد عليها الطريق للمرور فقد كان منحنيا أمام باب منزله محاولا فتحه..
تنحنحت بخفوت قائلة بنبرة حرجة وهي مخفضة لنظراتها
سكة لو سمحت!
الټفت الشاب نحوها ورمقها بنظرات غير مريحة أزعجتها ثم أردف قائلا
متابعة القراءة