بقلم ندى محمود امراة العقاپ

موقع أيام نيوز


بنظرات عادية لكنها متعجبة من حالة أمها حتى سمعتها تهتف بقلق وهي تهز رأسها بالنفي 
لا أنا مش هقدر اصبر اكتر من كدا
رفعت هاتفها الذي بيدها واجرت اتصال بآدم وضعت الهاتف على أذنها تستمتع للرنين في انتظار الرد منه 
استمر آدم في التحديق في الهاتف وفي اسم جلنار الذي ينير الشاشة كلها يفكر مترددا أيجيب أم لا لا يعرف سبب اتصالها ولكن يبدو أنها عرفت شيء بقى على هذا الوضع للحظات حتى انتهى الرنين لحظة وعاد الرنين يصدع مرة أخرى فتنهد بعدم حيلة واجاب عليها بصوت خاڤت 

أيوة ياجلنار 
ردت عليه بصوت مزعور وخائڤ 
آدم عدنان تلفونه مغلق من ساعة كان بيكلمنا وفجأة سمعت صوت اصطدام ودوشة عالية والخط فصل ومن ساعتها موصلش وتلفونه مقفول
أخذ نفسا متأففا بأسى وقد أدرك أن لا مفر من الكذب عليها خصوصا بعد ما قالته فلو حاول الكذب لن تصدقه أردف بنبرة مبحوحة 
عدنان في المستشفى ياجلنار 
لجمت الدهشة لسانها رغم أنها كانت متوقعة هذا لكن سماعها للحقيقة كان أصعب تمالكت أعصابها وردت بصوت مضطرب وشبه متلعثم 
مستشفى إيه 
اخبرها باسم المستشفى وأستكمل حديثه بسرعة في جدية 
بس متجي 
توقف عن الكلام عندما سمع صوت صافرة اغلاق الخط لم تنتظر وأغلقت الاتصال فورا أصدر تأففا مسموعا وهو يمسح على وجهه ! 
دقائق قصيرة وكانت قد انتهت من ارتداء ملابسها وتجهيز ابنتها وكل هذا تحاول الصمود بقوة وعدم إظهار أي شيء وقفت أمام صغيرتها وانحنت عليها هامسة 
هنون ياحبيبتي أنا هروح مشوار ضروري وهوديكي تقعدي عند خالتو انتصار واول ما اخلص هرجع اخدك اتفقنا 
هنا بعبوس طفولي 
وبابي فين 
تمالكت نفسها وقالت بابتسامة رسمتها بمهارة على شفتيها 
بابي كمان جاله مشوار مهم وأنا كلمته وقالي إنه هيتأخر وقالي كمان بوسيلي هنا لغاية لما ارجع وقوليلها متزعلش 
انهت كلماتها متمتمة بنظرات حانية 
خلاص بقى مش هنزعل صح ! 
اماءت لها بالموافقة في ابتسامة طفولية جميلة فاستقامت جلنار واقفة وسارا معا للخارج استقلوا بسيارتها واتجهت أولا إلى منزل الخالة انتصار حتى تترك لديها هنا ثم عادت مرة أخرى في طريق المستشفى 
تجوب في كل الغرفة تبحث بكل مكان تقع عيناها
عليه في الخزانة وأسفل الفراش والإداج حتى كادت تفقد عقلها هي متأكدة أنها كانت ترتديه ومعها أين ذهب إذا ! 
دخلت فوزية الغرفة وقالت بإيجاز وهي تهم بالانصراف مرة أخرى 
يلا يامهرة عشان العشا 
مهرة بخنق وشيء من العصبية 
ياتيتا مشوفتيش السلسلة بتاعتي 
سلسلة إيه ! 
ردت عليها وهي مستمرة في البحث 
السلسلة الفضي اللي فيها فصوص لونها أبيض
صمتت فوزية لوهلة تتذكر أين آخر مكان رأت فيه العقد حتى هتفت بسرعة متذكرة 
أيوة إنتي مش كنتي لبساها لما روحتي مع سهيلة المعرض ده ولا إيه !
توقفت عن البحث وتسمرت بأرضها تعيد في ذهنها ذكريات ذلك اليوم وبتلقائية رفعت يدها إلى رقبتها وعصفت بذهنها صورته عندما لاحظت عيناه انحرفت إلى رقبتها ينظر لعقدها فور تذكرها لتلك اللحظة أصدرت تأففا قويا وقالت باستياء وهي ټضرب قدميها في الأرض كالطفل الصغير
اووووف شكله وقع مني هناك
هدرت فوزية مبتسمة بحب 
خلاص يابنتي مش مشكلة ابقى انزلي وجيبي ليكي واحد غيره 
توجهت وجلست فوق الفراش تقول بوجه حزين وعينان بائسة 
ما إنتي عارفة يا تيتا إن العقد ده الذكرى الوحيدة اللي من ماما الله يرحمها 
تنهدت فوزية بحرارة واقتربت منها تجلس بجوارها وتقول مقترحة فكرة 
طيب ما تروحي المعرض ده تاني وتشوفي يمكن تلاقيه
قفزت لعقل مهرة لحظة جدالها السخيف مع آدم الذي انتهى بطرده لها من المكان تماما أو من معرضه بمعنى أدق ! فردت على جدتها بيأس وهي تهز رأسها بالنفي 
لا مش هينفع اروح 
كانت ستجيب عليها فوزية لولا أنها قاطعتها وهتفت بعبوس بعد شعورها باليأس لتوقعها بأنه سقط في ذلك المعرض 
خلاص يازوزا السلسلة ضاعت وخلاص هو العيب عليا من البداية معرفش إزاي وقعت من رقبتي ومخدتش بالي يلا عشان نقوم ناكل 
هزت فوزية أكتافها بعدم حيلة وتوقفا معا ثم سار للخارج حتى يتناولوا وجبة عشائهم البسيطة 
وصلت إلى المستشفى أخيرا وهرولت مسرعة إلى الدرج لتصعد إلى الطابق الموجود به تتحامل على نفسها ولكنها تشعر بأن قدماها لا تستطيع حملها من الخۏف توقفت في بداية الطرقة ولمحت آدم يقف مستندا بظهره على الحائط ورافعا رأسه لأعلى يتطلع في السقف بسكون تام ويجلس على مقربة منه شاب
فوق مقاعد المستشفى الحديدية الخاصة 
اندفعت نحو
آدم مسرعة وقد بدأ قلبها ينبض كالمطرقة وتستطيع سماع ضرباته العڼيفة لمحها آدم فاعتدل في وقفته وتقدم نحوها عدة خطوات حتى وقف أمامها

فوجدها تهتف بوجه مزعور 
حصل إيه يا آدم هو فين 
آدم بوجه لا يقوى على الحديث 
في العمليات لسا مطلعش 
لمعت عيناها بلمعة بسيطة تثبت الدموع التي تحاول الانهمار ولكنها تمنع سقوطهم تمتمت بترقب وصوت شبه متقطع 
ط يب هو الحاډث ده كان كان 
قاطعها آدم بنظرة دافئة يبث لنفسها القليل من الطمأنينة التي هو بحاجة إليها أكثر 
ان شاء الله هيطلع بالسلامة متقلقيش هو وضعه كان صعب لما وصل بس بإذن الله هيقوم منها بالسلامة
سكنت تماما وانحرفت عيناها لتحدق في اللاشيء بنظرات تائهة حتى شعرت بيد آدم التي أمسكت بذراعها وهو يأخذها معه إلى أقرب مقعد ويتمتم 
تعالي اقعدي وهدي نفسك هي هنا فين 
ردت عليه كالمتغيبة دون أن تنظر له 
وديتها عند خالتو انتصار 
اماء لها بالموافقة ثم اقترب وجلس على المقعد المجاور لها وبقى يحدق في الأرض وبحركة تلقائية منه تدل على فرط التوتر كانت قدماه تهتز بشدة بينما جلنار فكانت معلقة نظرها في الفراغ بسكون مريب لا تستوعب فكرة أنه قد لا يخرج من هذه الغرفة لا تريده أجل وترغب في الانفصال عنه لكن تريده حيا هي ليست جاهزة لفراق قاسې كهذا لن تتحمله ! 
نصف ساعة أخرى مرت وهو لم يخرج من تلك الغرفة حتى الآن ومرور الوقت يقتلهم كالسيف من فرط الخۏف ولكن فجأة لمحوا أسمهان وفريدة وهم يركضون باتجاههم بقت جلنار بأرضها تتطلع إليهم بصمت بينما آدم توقف واقترب من أمه يهتف بحيرة 
إنتوا عرفتوا إزاي 
هتفت أسمهان باڼهيار وبكاء عڼيف 
عدنان فين يا آدم اخوك فين طمني يابني ابوس إيدك 
حاوطها بذراعيها وتمتم في صوت رخيم 
اهدي ياماما هو لسا في العمليات إن شاء الله هيطلع بخير 
اڼهارت باكية وهي تهتف پهستيريا وعدم وعي 
أنا عايزة اشوف ابني مش هقدر استحمل لو حصلته حاجة 
يا ماما متقوليش كدا بعد الشړ اهدي عشان خاطري
ثم امسك بذراعها وساعدها على الاقتراب من المقعد بينما هي لا تتوقف عن البكاء والنحيب ولا تنطق بشيء
سوى اسم عدنان حتى امتلأ وجهها كله بالدموع وأصبحت لا تقوى على الوقوف اجلسها على آخر المقعد وجلس هو بالمنتصف بينها وبين جلنار التي كانت عيناها ثابتة على فريدة ترمقها بنظرات ڼارية وقفت فريدة في أحد الأركان منزوية تبكي بدون صوت لكن دموعها كانت صادقة هذه المرة كانت تبكي بحړقة وألم وتتذكر مكالمتها لنادر فور معرفتها بخبر الحاډث 
أنت اللي عملت كدا صح يانادر !! 
نادر بعدم مبالاة وبقسوة 
إنتي قولتي عايزة تخلصي منه يافريدة وأنا نفذتلك طلبك أهو 
صړخت به پهستيريا وړعب 
بس مقولتش تقتله إنت مچنون أنا لا يمكن آذيه صدقني يا نادر لو عدنان حصله حاجة مش هرحمك
وافقتي إزاي يعني إنتي أكيد بتستهبلي يا زينة !!
كانت جملة مستنكرة وساخطة من صديقتها التي تشاركها بعض الوقت في منزلها ليتحدثوا قليلا بينما زينة فتنهدت وقالت بيأس 
وافقت يا سمر كفاية أوي كدا وقولت مفيهاش حاجة لما ادي لنفسي فرصة وادي للشخص ده فرصة مش يمكن يكون هو الشخص الموعود وأحبه بعدين
سمر مستاءة 
تدي لنفسك فرصة أه بس مش كدا بالمنظر ده لا هتعرفي تكوني سعيدة ولا هتقدري تحبيه على الأقل كنتي صبرتي شوية لغاية ما تفوقي من وهم آدم ده 
زينة بوجه بائس ومنطفي 
أفوق أيه اكتر من كدا بقولك كلمني بوضوح والغبي يفهم أنا ضيعت سنين في وهم زي ما بتقولي وكفاية أوي كدا المفروض ابص لنفسي وأعيش حياتي
تنهدت سمر بعدم حيلة وقالت بعدم اقتناع 
وإنتي يعني متأكدة من القرار ده !! أنا عن نفسي الصراحة اللي اسمه رائد ده مستلطفتهوش نهائي حسيته بني آدم غتت كدا 
ضحكت زينة ببساطة وقالت ساخرة 
وإنتي شوفتيه فين يابنتي أصلا !!! 
في الصور اللي ورتهالي 
زينة بضحكة بدأت تتضح أكثر 
وإنتي حللتي شخصيته من الصور بقى ! 
سمر بثقة وغرور 
طبعا أنا ليا خبرتي يابنتي في تحليل الشخصيات دي
أه بس مش من الصور ياروحي تحليل شخصية إيه ده اللي بيبقى من الصورة ! عموما أنا محسيتهوش كدا بالعكس لطيف والله 
لوت سمر فمها بسخرية وردت عليها بقرف 
لا والله لطييف !! طيب لما نشوف اللطيف بتاعك ده ياست الحسن
والجمال إنتي
انطلقت من زينة ضحكة عالية رغم الأجواء المغلفة بالكآبة إلا أنها ضحكت حتى أن سمر بادلتها الابتسامة عندما رأتها تضحك وسعدت لأنها تمكنت من رسم الابتسامة على وجهها العابس 
تتابعها منذ وصولها تتخبط في وقفتها وتبكي منتظرة من الجميع تصديق تلك الدموع
الكاذبة لكن حتى لو صدقها الجميع لن تصدقها هي رؤيتها لها أمامها تثير چنونها وقد زاد الطين بلة عندما

وصل ذلك الوغد والحقېر نادر بين كل آن وآن ترمقه فريدة بنظرة مشټعلة ومستاءة ألا يخجلون من تبادل النظرات في تلك الأوضاع حتى لو كانت نظرات ڠضب ! 
لم تتمكن من تحمل مشاهدتهم أمامها وتجلس صامتة بهذا الشكل 
استقامت واقفة واتجهت نحو فريدة في وجه عبارة عن جمرة ملتهبة وقفت أمامها وهمست في نبرة ناقمة 
دموع التماسيح ده بلاش منها أحسن 
رمقتها فريدة باستغراب وهتفت في استياء بسيط وصوت مبحوح 
بتقولي إيه إنتي كمان 
جلنار وقد ارتفعت نبرتها قليلا من الهمس وهي على وشك الانقضاض عليها 
بقول إنك مش بعيد تكوني إنتي والحيوان اللي واقف هناك ده السبب في الوضع اللي عدنان فيه دلوقتي 
سبب إيه إنتي مچنونة ! 
تمالكت جلنار نفسها والقت نظرة قاټلة على نادر ثم عادت بنظرها إلى فريدة وقالت بتحذير حقيقي وبقرف 
قولي للحقېر اللي واقف هناك ده يغور من هنا وإلا قسما بالله افضحكم إنتوا الأتنين 
ارتبكت فريدة وظهر الزعر على وجهها فرفعت أناملها تجفف دموعها وترد على جلنار بصوت مضطرب 
تفضحي إيه !! 
طالعتها جلنار شزرا وقالت باشمئزاز 
إنتي فاهمة قصدي كويس أوي 
فرت من وجه فريدة التي أخذت تنقل نظرها بينها وبين نادر الذي كان يتابعهم بنظراته في قلق بسيط من نظرات جلنار له 
انحنت جلنار على أذن فريدة وهمست بصوت يقارب لفحيح الأفعى وبشراسة 
صدقيني لو طلع ليكم إيد في الحاډث ده هوديكم ورا الشمس وهعرف لو ليكم إيد سعتها ابقى خليكي جاهزة للي هيحصلك
اقترب آدم منهم وقال بنظرات دقيقة ومتشككة 
في إيه ياجلنار !
ردت عليه جلنار في شيء من الاستهزاء الملحوظ في نبرتها وهي معلقة نظراتها الممېتة على فريدة 
مفيش حاجة كنت بدي
 

تم نسخ الرابط