فاذا هوي القلب منال سالم
المحتويات
وقالي هيسهر مع أصحابه ومنذر كمان هيبات في الوكالة بس أما يجيب بنت أخوها هنا وكده يبقى مافيش حاجة تحرجهم!
جلس طه على الفراش وفرك قدميه قائلا بضيق قليل
أهي البت دي اللي حكايتها حكاية!
مصمصت جليلة شفتيها هاتفة بإشفاق
والله ما عارفة مالهم بس هي البت غلبانة بس بختها قليل!
رد عليها طه باقتضاب وهو يتمدد على فراشه الوثير
ربنا يهديها مالناش دعوة بمشاكلهم!
انحنت جليلة للأسفل لتسحب حذاء زوجها وتضعه في مكانه المخصص ثم التفتت قائلة بمكر
قولي يا حاج ايه رأيك في نيرمين
لم يفهم مقصدها فسألها مستفهما
من حيث
ردت عليه بتساؤل غامض
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
أجابها بفتور وهو يهز كتفيه
والله هي كويسة!
لمعت عيناها بوميض غريب وهي تهتف بتحمس بائن في نبرتها
طب تنفع لمنذر
قطب طه جبينه متعجبا وردد پصدمة قليلة
منذر!
حركت رأسها بالإيجاب وهي تتابع موضحة
اه أنا كنت فاتحته في الموضوع من فترة بس مأجلين الكلام فيه لحد ما عدتها تخلص!
سألها طه باهتمام
وهو منذر ابنك بيفكر فيها
نفت قائلة بعبوس خفيف
لأ خالص ولا في باله!
ثم ما لبث أن تحولت نبرتها للحماس فجأة وهي تكمل
بس هي اللي هاتنفعه عارفينها وتحت طوعنا والأهم من ده كله بتخلف!
انزعج طه من تفكير زوجته السطحي وردد قائلا
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
ردت عليه بإصرار
ايوه بس ربنا قالنا ناخد بالأسباب!
اقتضب طه في الحديث معها قائلا بنبرة متعبة
عموما هو مش وقته!
فكرت جليلة في مفاتحته أيضا فيما فكرت فيه فتابعت غير مكترثة
طيب وايه رأيك في أختها بسمة
رد عليها بضجر وهو يزفر بصوت مسموع
مالها هي التانية
أجابته بابتسامة عابثة
يعني لو دياب كده آ
قطع حديثها قائلا بتهكم بعد أن نفذ صبره
جرى ايه يا جليلة هو انتي واخدة توكيل عيلة عواطف
ردت عليه بعبوس
الله يا حاج طه أنا شايفة البنات وعاجبني!
هتف مستنكرا تفكيرها ضيق الأفق
لكن مش عاجبين عيالك قفلي على السيرة دي خالص! سامعة!
ده أنا بأفضفض معاك بكلمتين
رفع كفه ملوحا وهو يرد بتذمر
لا كلمتين ولا تلاتة خليهوملك! ويالا عشان أفرد جتتي وأرتاح!
نظرت إليه بعبوس وهي تقول
طيب يا حاج!
وصل إلى البناية القاطنة بها عواطف بسيارته صفها بجوار المدخل ثم ترجل منها وولج إلى الداخل صاعدا على الدرج اعتقد أنها ربما تكون قد عادت إليه لكن خابت أمالها
بعد أن دق الباب لمرات عديدة دون جدوى
انحنى برأسه على الباب ليستمع إلى الصوت القادم من الداخل لكن لا شيء فقط صمت رهيب تتخلله حركة الهواء
اعتدل في وقفته وتلفت حوله متسائلا بحيرة
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
وضع يده على عنقه وقام بفركه بحركة متكررة واستدار قائلا لنفسه بإرهاق
دايما مدوخاني وراكي يا بنت رياض!
رن هاتفه الموضوع في جيبه فدس يده في جيبه ليخرجه ناظرا في شاشته رأي اسم المخبر صادحا فنفخ بإنزعاج تكررت إتصالاته على مدار اليوم ولم يبلغه سوى بالسيء من الأخبار لذلك تجاهل أغلبها
وحينما ضجر من إلحاحه أجاب قائلا باقتضاب
خير في حاجة جدت
رد عليه المخبر بحماس
فينك من بدري يا ريسنا كنت عاوز أديك البشارة وعمال أطلب عليك من زمان!
سأله منذر بعدم فهم وقد انعقد ما بين حاجبيه
بشارة ايه دي
أجابه بتلهف
البت اياها اتنازلت عن المحضر يجي من شوية كده مافيش حد ليه حاجة عندك يا ريس!
تفاجيء بما قاله وتجمدت أنظاره على نقطة ما بالفراغ مستوعبا ما سمعه
هي تخلت عن إتهامها المزعوم ولم تبلغه بهذا رغم المواجهة الأخرى التي دارت بينهما عجز عن تفسير تصرفاتها الغريبة بل على الأرجح لا يستطيع التنبؤ بما يمكن أن تفعله
أخرجه من تفكيره المتعمق
صوته المخبر المتساءل
تؤمرنيش بحاجة تانية
تنحنح منذر قائلا بخشونة
لأ متشكر!
رد عليه المخبر بهدوء
ماشي يا ريس منذر سلامو عليكم
أنهى المكالمة معه وهو يحك رأسه بحيرة ثم مط فمه للأمام مرددا بتعجب
مش فاهمك بصراحة!
أخذ نفسا عميقا و لفظه دفعة واحدة قبل أن يكمل حديث نفسه بجدية
طيب دلوقتي لو أنا مكانك وماليش حتة أروحها يا ترى هاقعد فين!
أضاء عقله بشيء ما ربما ليس مؤكدا لكنه أثار الشك فيه هي لا تملك سواه ذلك الذي تصرخ دوما بأنها لن تفرط فيه ولو اقتضى الأمر خسارة كل شيء
رغم تلك الظلمة الحالكة به إلا أنها لم تخش البقاء بمفردها حتى لو كان رفيقها في تلك الظلمات الزواحف التي تهابها
فتحت الباب ودفعته بإنهاك لتتمكن من الولوج لم تغلقه تماما بل إكتفت بمواربته
سارت بخطى حذرة بين الركام الملقى على الأرضية لتصل إلى المكتب الموجود بالزاوية
استخدمت الإنارة في هاتفها المحمول لترى سبيلها
تحسست بحذر طريقها حتى وصلت إلى مبتغاها وقبل أن تجلس خلف المكتب نزعت من الحائط الإطار الخشبي القديم الذي يضم صورة جدها وأبوه الراحلين
وضعتها على سطح المكتب وسعلت بخفة وهي تزيح الأتربة العالقة به
سلطت الإضاءة الباهتة على الصورة وحدقت فيها مطولا بأعين مليئة بالعبرات الغزيرة
تنهدت بحرارة جياشة وتهدجت أنفاسها متحسرة على حالها البائس كم من صدمات تلقتها واحدة تلو الأخرى تصيب العاقل بالهذيان والجنون وهي ټقاومها قدر المستطاع لكنها تعبت مما تواجهه هي فقدت أخر ما لديها من ذرات الشجاعة وأصبحت تفتقر إليها
شعرت حقا بوهنها بضعفها وبقلة حيلتها
استندت برأسها على مرفقها وهمست لنفسها بأنين موجع
ماليش حد بعدكم أنا لوحدي!
أزاحت عبراتها العالقة بأهدابها وواصلت التفكير بتخبط محاولة الوصول إلى حلول سريعة هي حسمت أمرها بالرحيل بترك منزل عمتها للأبد فعليها الآن أن تجد بديلا ملائما للسكنى وكيف ستفعل هذا وهي لا تملك من الأموال ما يكفي
بكت پقهر ډافنة وجهها في ساعدها ظلت على تلك الوضعية لبرهة يائسة من إيجاد ما يثلج صدرها الملتاع
لم تستطع التفكير بذهن صاف الأمور معقدة معها للغاية فكرت للحظة في الإستعانة بقريب والدتها لكنها نفضت الفكرة عن عقلها
ولكن ما لبثت أن عادت مجددا لټقتحم تفكيرها بضراوة
لا بديل عنه حاليا ربما ستحقق مبتغاه وتبيع
له منزل والديها ذلك المكان الذي يضم أغلى ذكرياتها
هو حلها الأخير نعم هي مضطرة للتخلي عنه لتحيا من جديد إنها قسۏة الحياة التي تجبرك على فعل ما تبغضه قسرا
بأصابع مرتجفة بحثت عن رقمه بين قائمة الأسماء
تنفست بعمق لتضبط أنفاسها وكفكفت عبراتها بيدها قبل أن تضع الهاتف على أذنها ابتلعت غصة عالقة في حلقها وهي تنتظر بترقب إجابته على اتصالها
أتاه صوته الخشن قائلا بجدية
مين معايا
أجابته بصوت مرتجف
أنا يا خالي
رد عليها الحاج فتحي متسائلا بنبرة قاتمة
انتي مين
توترت وهي تجيبه بصوت متردد
أسيف يا خالي بنت حنان!
صاح بها بغلظة متعمدا التحقير من شأنها
دلوقتي افتكرتي إن ليكي خال يا مش عملتي اللي عندك ومشيتي على حل شعرك وخرجتي عن طوعي جاية تقولي خالي وأبصر ايه!!
بكت في صمت وهي تستمع إلى إهاناته اللاذعة وقبل أن ترد عليه هدر بعصبية قاسېة
أنا معرفش حد بالاسم ده!
توسلته قائلة بصوت متقطع
اسمعني يا خالي أنا كنت
رد عليها بغلظة
انتي اختارتي وخلص الكلام معاكي!
هتفت بإستعطاف عله يمهلها الفرصة لتبوح بما لديها
اسمعني بس أنا
أنهى المكالمة معها فجأة فهتفت مصډومة بصوتها المنتحب
ألوو خالي!
أنزلت هاتفها لتبكي بإنكسار أكبر محتضنة الإطار الخشبي بضعف جفل جسدها أكثر وزادت رعشتها وهي تضمه إلى صدرها
أطفأ محرك سيارته وتحرك بخطى بطيئة بعد أن ترجل منها صوب دكانها
صدق حدسه وأصاب في تخمينه هي بالفعل متواجدة به وكل الدلائل تشير إلى ذلك فالقفل منزوع والباب موارب دنا بحذر منه فاستمع إلى صوت شهقاتها المكتومة
توجس خيفة أن يكون قد أصابها مكروه ما فركز حواسه كليا ليستمع إلى نحيبها وهي تقول بمرارة
أنا لوحدي في الدنيا دي ليه ماموتش معاكو ليه سبتوني
شعر بنغزة خفيفة في قلبه لحديثها الموجع وأخرج تنهيدة عميقة من صدره بدا متأثرا لبكائها لكنه سيطر على إحساسه وأنصت لها وهي تتابع بشجن
يا رب خدني وريحني! يارب
اختنق صوتها أكثر وتعالت شهقاتها المهزومة معلنة عن إنهيارها الوشيك
كور قبضة يده ضاغطا على أصابع يده بقوة أزعجه حديثها البائس وتوجس خيفة أن ترتكب في حق نفسها شيء ما خاصة أنها مرت قبل ذلك بحالة من الإنتكاسة النفسية وتذكر حديث الطبيب بخطۏرة تبعاتها لذلك حسم أمره بالدخول فورا إليها
دفع الباب بقوة فانفتح على مصرعيه شهقت مرتعدة حينما رأت ذلك الطيف يقتحم دكانها
هبت من مكانها واقفة ونظرت إليه بهلع
لم تتبين ملامحه في البداية لكنها عرفته هويته من صوته الذي اخترق وحدتها حينما نطق بصلابة
عرفت أوصلك مكانش صعب أوي!
تفاجأت أسيف بوجوده فكفكفت عبراتها سريعا ونظرت إليه بجمود وهي تسأله بصوت مخټنق
جاي ليه
رد عليها بنبرة ثابتة وهو يقترب منها
عمتك عاوزاكي!
ابتلعت ريقها وردت عليه بصوتها المنتحب
انا ماليش عمة!
ضيق نظراته نحوها ورد عليها بغلظة غير مكترث بعنادها
مش بمزاجك!
شعرت هي بخطۏرة وجوده وتلفتت حولها بريبة
هي شبه محاصرة في إحدى الزوايا وإن استمر في اقترابه منها لن تتمكن من الفرار وربما يرتكب معها شيء سيء
لذا تحركت سريعا من خلف المكتب وأعطت لنفسها مساحة فاصلة عنه وهي تصيح
اطلع برا لو سمحت!
تابعها بنظرات ثابتة دون أن تطرف عيناه ورد عليها بصوته المتصلب الذي يحمل القوة
مش طالع إلا وانتي معايا!
التفتت ناحيته وهي تهز رأسها نافية
لأ !
ثم رمقته بنظرات متحدية مضيفة بعناد
ده مكاني ومش هامشي من هنا!
مرر أنظاره على وجهها الحزين ببطء رأى انتفاخ أنفها الأحمر وتورم عيناها الذابلتين من كثرة البكاء
أشفق عليها كثيرا فرغم ما تمر به من مصاعب إلا أنها تجاهد لتبدو متماسكة
واصلت صياحها قائلة بإصرار وهي تشير بسبابتها
ده دكاني
بتاعي ومش هاسيبه مهما حصل
حرك عنقه للجانبين وفرك أصابع كفيه قائلا بثقة
مش كله أنا ليا لي فيه! ولا نسيتي
ثم قوس فمه لتظهر ابتسامة مغترة على محياه مشيرا بعينيه
تذكرت أسيف بيع عمتها لنصيبها فيه فإحتقن وجهها الذابل بحمرة غاضبة
كزت على أسنانها بقوة ونظرت إليه بحدة فهي إن خسړت جزءا في الدكان لا يعني بالضرورة خسارته كليا
أطلق منذر صافرة خاڤتة متعمدا استفزازها ليفسد عليها خلوتها الوحيدة
اغتاظت من أسلوبه المثير لحنقها ومن ثقته الزائدة وتحكمه المفرط وكأنه يملك زمام الدنيا في إصبعه
صړخت فيه بعصبية مستنكرة كل شيء وهي تلوح بذراعيها في الهواء
ارحموني بقى وسيبوني في حالي!
رد عليها بجمود وهو ينظر إليها
قدرك اللي جابك هنا!
صاحت فيه بحدة
أنا تعبت من كل حاجة ابعدوا عني بقى! مش عاوزة حاجة منكم!
اقترب منها حتى وقف قبالتها ورد ببرود
مش هاينفع!
ثم قبض على عضدها فجأة قائلا بجمود
ويالا عشان عمتك عاوزاكي!
صدمت من حركته المباغتة وتأوهت پألم من أصابعه القابضة عليها ثم هتفت قائلة پغضب
آآه سيب دراعي!
حاولت أسيف التملص منه وتحرير ذراعها بقبضتها الأخرى لكنه لم يتركها بل تشبث أكثر بها وهو يبتسم لها
صرت على شفتيها وواصلت مقاومتها لكنها لم تستطع
مال عليها برأسه متابعا ببرود واثق
مش هاتعرفي تخلصي مني وزي ما قولتك إنتي أمانة وهارجعك عند عمتك!
دفعها منذر أمامه مستغلا قوته وبالطبع لم تكن
متابعة القراءة